العاني، فأنزل الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ... } الآية1.
وأخرج مسلم عن النعمان بن بشير قال:"كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي ألا أعمل لله عملاً بعد الإسلام إلا أنْ أسقي الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم، فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك يوم الجمعة، ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأستفتيه فيما اختلفتم فيه، فدخل بعد الصلاة فاستفتاه، فأنزل الله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ... } الآية"2.
والمعنى أجعلتم يا معشر المشركين أو يا من تنازعتم من المؤمنين -أي الأعمال أفضل- سقاية الحجيج وسدانة بيته العتيق، كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيله؟ وذلك أنّ السقاية والعمارة وإن كانتا من أعمال الخير والبر، فإنّ أصحابهما لا يدانون ولا يساوون أهل الإيمان بالله تعالى والجهاد في سبيله في علو المرتبة وشرف المنزلة، فضلاً عن أن
1 لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي ص: 115، وأسباب النزول للواحدي ص: 139، وتفسير الطبري 10/95، وتفسير ابن كثير 2/366.
2 صحيح مسلم 3/1499 كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله، حديث رقم: 111.