الصفحة 222 من 291

(الولي يعطيه الله تعالى معرفة سائر الألسن الخاصة بالإنس والجن , فلا يخفى عليه فهم كلام أحد منهم) [1] .

وذكر القوم حكايات كثيرة عن متصوفيهم تشتمل على تكلمهم مع السباع والطيور وغيرها , سنذكرها في الجزء الثاني من هذا الكتاب في باب مستقل إن شاء الله.

ولكن للطرافة نذكر حكاية واحدة ذكرها الشعراني في طبقاته الكبرى , فيقول:

(أقام الشيخ أبو يعزي في بدايته خمس عشرة سنة في البر , لا يأكل إلا من حبّ الشجر في البادية , وكانت الأسد تأوي إليه والطير يعكف عليه.

وكان إذا قال للأسد: لا تسكني هنا , تأخذ أشبالها وتخرج بأجمعها.

قال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه: زرته مرة في الصحراء وحوله الأسد والوحوش والطير , تشاوره على أحوالها , وكان الوقت وقت غداء , فكان يقول لذلك الوحش: اذهب إلى مكان كذا وكذا , فهناك قوتك , ويقول للطير مثل ذلك فتنقاد لأمره.

ثم قال: يا شعيب , إن هذه الوحوش والطيور أحبت جواري فتحملت ألأم الجوع لأجلي , رضي الله عنه) [2] .

فهذا هو التطابق الكلي بين الشيعة والصوفية في هذه القضية.

الْحُلُولُ والتَّناسخ

وإن فرقا من الشيعة يعتقدون في أئمتهم بأنهم هم الذين ظهروا في مختلف الصور في الأزمنة المتعددة , والأمكنة المختلفة , وهم الذين ظهروا في أيام آدم بصورة آدم , وفي دور نوح بنوح , وكذلك شيث وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم في زمانهم , وأن أئمتهم هم الذين نجّوا نوحا , وأغرقوا الخلق في عهد نوح , وخرقوا السفينة , وقتلوا الغلام وغير ذلك.

(1) الأنوار المقدسية في معرفة القواعد الصوفية للشعراني ج2 ص 115 ط دار إحياء التراث العربي بغداد - العراق.

(2) طبقات الشعراني ج1 ص 136.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام