(الكشف والإطلاع على الغيب يكون بطريق التجلي , إما بالتنزل أو بالعروج) [1] .
ويقول أيضا:
(تتجلى صورة العقل في ذات الخليقة , فتلوح له أسرار والعلم المنقوشة فيه) [2] .
فهذه هي آراء ابن عربي وأقواله , صريحة في معناها , جلية في مغزاها , واضحة في مرادها , لا غموض فيها ولا تعقيد , ولا تحتاج إلى التبيين والتوضيح.
وأما تلميذه محمد بن إسحاق القونوي المتوفى 673 هـ فيقول:
(إن الكمل ومن شاء الله من الأفراد أهل الإطلاع على اللوح المحفوظ , بل وعلى المقام القلمي , بل وعلى حضرة العلم الإلهي , فيشعرون بالمقدر كونه لشبق العلم بوقوعه) [3] .
ويقول شهاب الدين السهروردي المقتول:
(الأنبياء والفضلاء المتألهون يتيسر لهم الإطلاع على المغيبات , لأن نفوسهم إما قوية بالفطرة أو تتقوى بطرائقهم وعلومهم , فينتقشون بالمغيبات , لأن نفوسهم كالمرايا المصقولة تتجلى فيها نقوش من الملكوت. فقد يسري شبح إلى الحس المشترك , يخاطبهم ألدّ مخاطبة وهو في أشرف صورة , وربما يرون الغيب بالحس المشترك مشاهدة , وربما يسمعون صوت هاتف , أو يقرؤن من مسطور) [4] .
وقال لسان الدين بن الخطيب في روضته:
(النفوس عند صفائها تتشبه بالملأ الأعلى , وتنتقش فيها أمثلة الكائنات المتعشقة فيه بنوع ما , وتشاهد المحجوبات , وتؤثر في العوالم السفلية) [5] .
وبمثل ذلك يقول داود بن محمود القيصري:
(إذا خلص الرجل , وصفا وقته , وطاب عيشه بالإلتذاذ بما يجده في طريق
(1) إنشاء الدوائر لابن عربي ص 35 ط مطبعة بريل ليدن 1336 هـ.
(2) التدبيرات الإلهية لابن عربي ص 159 , ومثله في ص 171.
(3) رسالة النصوص لمحمد بن إسحاق القونوي ص 40 , 41 ط مشهد إيران.
(4) الألواح العمادية للسهروردي ص 64 المطبوع ضمن رسائله الثلاثة باسم سه رسالة شي إشراق بتحقيق نجف قلي الإيراني ط مركز تحقيقات فارسية إيران باكستان.
(5) روضة التعريف للسان اليدن ابن الخطيب ص 463 بتحقيق عبد القادر أحمد عطاط دار الفكر العربي.