فهرس الكتاب
الصفحة 130 من 239

وذكر المؤلف من أمور الغيب قصة ملك الموت مع موسى حين نزل ليقبض روحه، وأن موسى لطمه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي فيها ذكر بعض التفاصيل الغيبية من الأمور التي ابتلي بها ضعفاء الإيمان وأهل الشك والريب وأهل الأهواء، فكان من سماتهم إنكار مثل هذا الحديث، ذلك أنهم يعرضون هذه الأمور على عقولهم، فكأنهم قالوا: لا يُعقل أن موسى يضرب ملك الموت وهو أعظم منه وأكبر وجاء ليقبض روحه، ثم إنه لا يُعقل أن يكون ملك الموت على هيئة رجل ثم تفقأ عينه إلى آخر تلك الأمور التي ابتلاهم الله بها فلم يفلحوا نسأل الله السلامة.

فجاء هذا من باب الابتلاء للعباد، وهو أيضاً خبر حق وصدق على أصله كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ملك الموت جاء إلى موسى فتمثل له بصورة رجل بإذن الله وبقدرة الله، وأن موسى ضربه، وموسى صاحب غيرة وقوة في الحق، فضربه ففقأ عينه، ولما علم بعد ذلك أنه ملك الموت سلّم له واختار قبض روحه ليلقى ربه عز وجل كما هو معروف، مع أن الله عز وجل خيّره بين أن تُقبض روحه أو يقبض قبضة في شعر الثور ويُعطى بقدرها من السنين عمراً، لكنه اختار لقاء ربه.

فهذا من الأمور السمعية التي يُبتلى بها العباد، وهي حق وصدق، وهي التي يختبر بها إيمان الناس، فمن آمن بمثل هذه الأمور وصدّق فهو من المؤمنين بالغيب الذين مدحهم الله عز وجل وامتازوا عن غيرهم، وإن شك أو ارتاب أو أثار الإشكالات فإنه إنما يرتد ريبه وإشكاله عليه نسأل الله السلامة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام