وبمعرفة المؤمن لربه ، ولرسول ربه إليه عرف لماذا خلقه ربه ، وعلم بالحكمة من وجوده ، وفهم دوره في هذه الحياة ، وأصبح على بينة من كل ما يعمل، لماذا يعمله، وما هي نتيجة عمله ، وإذا جاءه الموت فإنه يعرف ما يؤول إليه أمره بعد الموت ، فلا يفزع ولا يجزع ، لأنه قد استعد لهذه اللحظة، وعرف ما بعدها ، وأعد لها في حياته الأولى عدتها .
وبهذا الهدى من رب الناس ، ملك الناس، إله الناس، علم المؤمن بمنزلته في الكون ، وبدوره على الأرض ، وبعلاقته بغيره من خلق الله ، فهو على بينة من ربه في كل أمر من أموره العامة والخاصة.
قال تعالى: ? أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? [الأنعام:122] .
الركن الخامس:
وأما الركن الخامس فهو الإيمان باليوم الآخر ، فالمؤمن بالله يعلم أن هذه الأرض ليست له بدار بقاء ، إنما هي دار عمل وامتحان .
قال تعالى: ? وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ? [القصص:60] .
ويعلم أن الأجل لن يتجاوز به وبجيله أكثر من مائة عام ينتقل بعدها إلى الدار الآخرة.
? وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ? [العنكبوت: 64] .
ويعلم المؤمن أن الطريق إلى الفوز بالسعادة الأبدية في الجنة لا يكون إلا بالعمل الصالح الخاص لوجه الله ، فتجده مجداً في عمل الصالحات. لا يقصد بعمله مصلحة دنيوية فانية ، إنما يقصد بعمله أن ينجو في الآخرة ويرضى عنه ربه وخالقه ومالكه الذي منه البداية ، وإليه النهاية وعليه الحساب.