وقوله: ( صلى الله عليه ) الصلاة لغة: الدعاء، وأصح ما قيل في معنى الصلاة من الله على الرسول: ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاة على رسوله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى . ( وعلى آله ) آل الشخص من ينتمون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها . وأحسن ما قيل في المراد بآل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هنا أنهم أتباعه على دينه . ( وأصحابه ) جمع صاحب . من عطف الخاص على العام . والصحابي: هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك .
( وسلم تسليمًا مزيدًا ) السلام بمعنى التحية، أو السلامة من النقائص والرذائل . وقوله: ( مزيدًا ) اسم مفعول من الزيادة وهي النمو . وجمع بين الصلاة والسلام امتثالًا لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } الآية [ الأحزاب: 56 ] .
أما بعد: فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة .
الشرح:
( أما بعد ) هذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر، ومعناها: مهما يكن من شيء . ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث كان يفعل ذلك . ( فهذا ) إشارة إلى ما تضمنته هذه الرسالة واحتوت عليه من العقائد الإيمانية التي أجملها بقوله: ( وهو الإيمان بالله ـ إلخ ) .
( اعتقاد ) مصدر: اعتقد كذا إذا اتخذه عقيدة، والعقيدة: هي ما يعقد عليه المرء قلبه . تقول اعتقدت كذا، أي: عقدت عليه القلب والضمير . وأصله مأخوذ من عقد الحبل إذا ربطه . ثم استعمل في عقيدة القلب وتصميمه الجازم .
( الفرقة ) أي: الطائفة والجماعة . ( الناجية ) أي: التي سلمت من الهلاك والشرور في الدنيا والآخرة وحصلت على السعادة . وهذا الوصل مأخوذ من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ) رواه البخاري ومسلم .