{ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } أي: شاهدًا أنه رسوله ومطلع على جميع أفعاله وناصره على أعدائه وفي ذلك دلالة قاطعة على صدق هذا الرسول، إذ لو كان مفتريًا لعاجله الله بالعقوبة كما قال تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } [ الحاقة: الآيتان 44 ـ 45 ] .
( وأشهد أن لا إله إلا الله ) أي: أقر وأعترف أن لا معبود بحق إلا الله ( وحده لا شريك له ) في هاتين الكلمتين تأكيد لما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله من النفي والإثبات: نفي الإلهية عما سوى الله وإثباته لله فقوله: ( وحده ) تأكيد للإثبات، وقوله: ( لا شريك له ) تأكيد للنفي .
وقوله: ( إقرارًا به وتوحيدًا ) مصدران مؤكدان لمعنى الجملة السابقة . ( وأشهد أن لا إله إلا الله ) إلخ، أي: إقرارًا باللسان وتوحيدًا . أي: إخلاصًا في كل عبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية .
وقوله: ( وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ) أي: أقر بلساني وأعتقد بقلبي أن الله أرسل عبده محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة لأن الشهادة لهذا الرسول بالرسالة مقرونة بالشهادة لله بالتوحيد لا تكفي إحداهما عن الأخرى . وفي قوله: ( عبده ورسوله ) رد على أهل الإفراط والتفريط في حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأهل الإفراط غلوا في حقه ورفعوه فوق منزلة العبودية . وأهل التفريط قد نبذوا ما جاء به وراء ظهورهم كأنه غير رسول فشهادة أنه عبد الله تنفي الغلو فيه ورفعه فوق منزلته . وشهادة أنه رسول الله تقتضي: الإيمان به وطاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه، واتباعه فيما شرع .