الصفحة 3 من 176

{ الذي أرسل رسوله } الله سبحانه يحمد على نعمه التي لا تحصى ومن أجل هذه النعم أن { أرسل } أي: بعث { رسوله } محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ . والرسول لغة: من بعث برسالة . وشرعًا: هو إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه . { بالهدى } أي: العلم النافع وهو كل ما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الإخبارات الصادقة والأوامر والنواهي وسائر الشرائع النافعة .

والهدى نوعان:

النوع الأول: هدى بمعنى الدلالة والبيان، ومنه قوله تعالى: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } الآية ( 17 ) فصلت . وهذا يقوم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في قوله تعالى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } .

النوع الثاني: هدى بمعنى التوفيق والإلهام وهذا هو المنفي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يقدر عليه إلا الله تعالى كما في قوله تعالى: { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء } [ القصص الآية: 56 ] . ( ودين الحق ) هو العمل الصالح . والدين يطلق ويراد به الجزاء، كقوله تعالى: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } . ويطلق ويراد به الخضوع والانقياد، وإضافة الدين إلى الحق من إضافة الموصوف إلى صفته ـ أي الدين الحق ـ والحق مصدر: حق يحق بمعنى ثبت ووجب، وضده الباطل .

{ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } أي: ليعليه على جميع الأديان بالحجة والبيان والجهاد حتى يظهر على مخالفيه من أهل الأرض من عرب وعجم مليين ومشركين . وقد وقع ذلك فإن المسلمين جاهدوا في الله حق جهاده حتى اتسعت رقعة البلاد الإسلامية وانتشر هذا الدين في المشارق والمغارب .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام