من المعلوم أن جناب الرب - عز وجل- والكلام في أسمائه وصفاته أمر في غاية الخطورة ، وإذا لم يكن للعبد في كلامه في هذا الباب قواعد يمشي عليها وأصول يبني عليها كلامه فإنه سيكون عرضة للخطل والزلل.
لذلك جمع كثير من العلماء قواعد تعتبر بالنسبة لهذا الباب كالأصول بالنسبة للأشجار، والأعمدة بالنسبة للبنيان ، فكما أن الأشجار لا تقوم إلا على أصولها والأبنية لا تقوم إلا على أعمدتها ، فإن العلوم لا تقوم إلا على القواعد والأصول الكلية الجامعة التي بمعرفة طالب العلم لها وعنايته بها يتحقق له فوائد عظيمة ، ومنافع عديدة ، وعندما نتحدث عن قواعد توحيد الأسماء والصفات على وجه الخصوص فإن شأنها أجل ، ومقامها أرفع ؛ لأنها قواعد تتعلق بمعرفة أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق...
وقد قيل: إن شرف العلم من شرف معلومه ، والعلم بالأسماء والصفات هو أشرف العلوم على الإطلاق ، فهي قواعد تضبط لطالب العلم هذا العلم الشريف الذي هو أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ، ويأمن بها وبمعرفتها من الزلل والوقوع في ضلال المضلين وبدع المتكلمين وأهواء الزائغين القائلين على الله وفي الله وفي كتابه بغيرعلم....
وأصل توحيد الأسماء والصفات قائم عند أهل السنة على أصلين: الإثبات والنفي ، كما قال الإمام أحمد - رحمه الله: نصفُ الله بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث ، وقال الأوزاعي - رحمه الله: ندور مع السنة حيث دارت ، أي: نفيا وإثباتا ، فما ثبت في الكتاب والسنة أثبتناه ، وما نفي في الكتاب والسنة نفيناه ، فباب الأسماء والصفات هو باب إثبات ونفي ، إثبات ما أثبته الله لنفسه ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه....