وكتبه الفقير إلى ربه الغفور
د/ السيد العربي ابن كمال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، والعاقبةُ للمتقينَ ، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ ، وأشهدُ ألاَّ إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ، الموصوفُ بصفاتِ الجلالِ ، المنعوتُ بنعوتِ الكمالِ.... أما بعد
اعلم - رحمني الله وإياك - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نسأل الله علماً نافعاً ، ونتعوذ به من علم لا ينفع ، فقال:"اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها" [رواه مسلم (2722) من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه]
واعلم أن أنفع العلوم علم التوحيد ، ومنه علم الأسماء والصفات ، وذلك لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والباري أشرف المعلومات ؛ فالعلم بأسمائه وصفاته أشرف العلوم .
"والعلم النافع ما عرَّف العبدَ بربه ، ودلَّه عليه حتى عرفه ووحَّده وأنس به واستحى من قربه وعَبَده كأنه يراه 0"
فأصل العلم بالله الذي يوجب خشيته ومحبته والقرب منه والأنس به والشوق إليه ، ثم يتلوه العلم بأحكام الله ، وما يحبه ويرضاه من العبد من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد ، فمن تحقق بهذين العلمين كان علمه نافعاً ، وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المسموع ، ومن فاته هذا العلم النافع ، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم ، وصار علمه وبالاً وحجة عليه ، فلم ينتفع به ؛ لأنه لم يخشع قلبه لربه ، ولم تشبع نفسه من الدنيا ، بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً ولم يُسمع دعاؤه ؛ لعدم امتثاله لأوامر ربه وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه ، هذا إن كان علمه علماً يمكن الانتفاع به ، وهو المتلقي عن الكتاب والسنة ، فإن كان متلقي عن غير ذلك ؛ فهو غير نافع في نفسه ، ولا يمكن الانتفاع به ، بل ضره أكثر من نفعه.