والعلم النافع يدل على أمرين:
أحدهما:على معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة ، وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته ومهابته ومحبته ورجاءه والتوكل عليه والرضا بقضائه والصبر على بلائه.
والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه ، وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال.
فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه ، فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا ؛ فهو علم نافع ، فمتى كان العلم نافعاً ، ووقر في القلب ؛ فقد خشع القلب لله ، وانكسر له وذل هيبة وإجلالاً وخشية ومحبة وتعظيماً ، ومتى خشع القلب لله وذل وانكسر له ؛ قنعت النفس بيسير الحال من الدنيا ، وشبعت به ، فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا ، وكل ما هو فان لا يبقى ، من المال والجاه وفضول العيش الذي ينقص به حظ صاحبه عند الله من نعيم الآخرة وإن كان كريماً على الله.
ولما كان العلم للعمل قريناً وشافعاً ، وشرَفه لشرف معلومه تابعاً ؛ كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد ، وأنفعُها علم أحكام أفعال العبيد"أ.هـ [من كتاب فضل علم السلف على الخلف لابن رجب... (ص 67 وما بعدها) ] ."
ثم اعلم أن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله ، فالاشتغال بفهم هذا العلم ، والبحث التام عنه ، اشتغال بأعلى المطالب ، وحصوله للعبد من أشرف المواهب ، ولذلك بينه الرسول صلى الله عليه وسلم غاية البيان ، ولاهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه لم يختلف فيه الصحابة رضي الله عليهم كما اختلفوا في الأحكام.
توحيد الأسماء والصفات:
قال ابن القيم فى كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية - (ج 1 / ص 21 وما بعدها) :