وفي بعض النسخ المطبوعة:-"ولا يشبههُ الأنامُ (1) "، ففي العبارة الأولى - وهي التي أثبتها الشارح- نفي تشبيه الخالق بالمخلوق، وقد نفى الطحاوي - من قبل- نفي تشبيه المخلوق بالخالق، إذا قال:-"ولا شيء مثله"، وأما العبارة الأخرى فهي تنفي تشبيه المخلوق بالخالق، باعتبار أن هذا التشبيه هو الغالب على أهل الضلال، فتكون هذه العبارة مؤكدة لقوله:-"ولا شيء مثله"، وأما تشبيه الخالق بالمخلوق فهو نادر، وهو الذي انهمك المتكلمون في ردّه (2) .
يقول ابن القيّم:-"والمشبهة هم الذين يشبهون المخلوق بالخالق في العبادة،و التعظيم والخضوع، والسجود له، والاستغاثة به.. فهؤلاء هم المشبهة حقاً. (3) "
6 -قال الشارح:-"ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى، سواءً كان تمثيلاً أو شمولاً.. (4) "
بيّن ابن القيم ذلك بقوله:-"يقال لمن أثبت شيئاً من الصفات بالعقل فلابد أن يأتي على ذلك بقياس شمولي أو تمثيلي (5) ، فتقول في الشمولي كل فعل متقن محكم فإنه يدل على علم فاعله وقدرته وإرادته، وهذه المخلوقات كذلك، فهي دالة على علم الربّ تعالى وقدرته ومشيئته، وتقول في التمثيلي: الفعل المحكم المتقن يدل على علم فاعله وقدرته في الشاهد، فكان دليلاً في الغائب.. (6) "
فقياس الأولى قياس صحيح، سواءً كان قياس تمثيل أو شمول، فإذ كان كل فعل محكم يدّل على علم فاعله وقدرته وإرادته، فدلالة هذا القياس الشمولي على الله أحق وأولى.
(1) . المجموعة العلمية السعودية صـ 17.
(2) . انظر: شرح العقيدة الطحاوية 1/259 [108] .
(3) . إغاثة اللهفان 2/340، 341، وانظر: الجواب الكافي صـ 182، 183.
(4) . شرح العقيدة الطحاوية 1/87 [35] .
(5) . في الأصل: تخييلي، ولعل الصواب ما أثبته.
(6) . مختصر الصواعق المرسلة 2/119، 120.