الصفحة 124 من 131

فهذه الاقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والأثر وأصحاب الرواية وحملة العلم النبوي فمن خالف شيئا من هذه أو طعن فيهم أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق

وما ذكرته من العقائد ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوه ليحفظه ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئا فشيئا ومن فضل الله على قلب الإنسان ان شرحه في أول نشوه للإيمان من غير حاجة إلى حجة وبرهان فلا بد من إثباته في نفس الصبي والعامي حتى يترسخ ولا يتزلزل

وليس الطريق في تقويته وإثباته أن يعلم صفة الكلام والجدال بل يشتغل بتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومعانيه ويشتغل بوظائف العبادات فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخا بما يقرع سمعة من أدلة القرآن وحججه وبما يرد عليه من شواهد الأحاديث وفوائدها وبما يسطع عليه من أنوار العبادة ووظائفها

وينبغي أن يحرس سمعه من الجدال والكلام غاية الحراسة فإن ما يشوشه الجدل أكثر مما يمهده وما يفسده الكلام أكثر مما يصلحه وقد كتبنا في ذم الكلام رسالة سميناها قصد السبيل في ذم الكلام والتأويل وناهيك بالعيان برهانا فقس عقيدة آهلي الصلاح والتقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين والمجادلين ترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تحركه الدواهي والصواعق وعقيدة المتكلم الحائر بين اعتقاد وتقسيمات الجدل كخيط مرسل في الهواء تقلبه الرياح مرة هكذا ومرة هكذا ثم الصبي إذا وقع نشوه على هذه العقيدة إن اشتغل بكسب الدنيا لم يتضح له غيرها ولكنه يسلم في الاخرة باعتقاد أهل الحق إذ لم يكلف الشرع أجلاف العرب أكثر من التصديق الجازم بظاهر هذه العقائد فأما البحث والتفتيش وتكلف نظم الأدلة فلم يكلفوا به أصلا إن أراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة وساعده التوفيق حتى اشتغل بالعمل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام