فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 133

الخلفاء الأربعة لهم في تبليغ كليات الدين ونشر أصوله وأخذ الناس ذلك عنهم ما ليس لغيرهم كجمع أبي بكر وعمر القرآن في الصحف، ثم جمع عثمان له في المصاحف التي أرسلها إلى أهل الأمصار. فكان الاهتمام بجمع القرآن وتبليغه أهم مما سواه. وكذلك تبليغ شرائع الإسلام إلى أهل الأمصار. ومقاتلتهم على ذلك، واستنابتهم في ذلك الأمراء والعلماء، وتصديقهم لهم فيما بلغوه عن الرسول، فبلغ من أقاموه من أهل العلم حتى صار الدين منقولاً نقلاً متواترًا ظاهرًا معلومًا قامت به الحجة ووضحت به المحجة، وتبين به أن هؤلاء خلفاؤه المهديون الراشدون الذين خلفوه في أمته علمًا وعملاً. كما أن الذين تأخرت حياتهم من الصحابة واحتاج الناس إلى علمهم نقلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة لم ينقلها الخلفاء الأربعة ولا أكابر الصحابة، لأن أولئك كانوا مستغنين عن نقلها؛ لأن الذين عندهم قد علموها كما علموها. ولهذا يروى لابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وأنس، وجابر، وأبي سعيد ونحوهم من الصحابة من الحديث ما لا يروى لعلي، ولا لعمر، وعمر وعلي أعمل من هؤلاء كلهم.

ثم قد يكون عند المفضول علم قضية معينة لم يعلمها الأفضل فيستفيدها منه ولا يوجب ذلك أن يكون هذا أعلم مطلقًا. ولهذا كان الخلفاء يستفيدون من بعض الصحابة علمًا لم يكن عندهم، كما استفاد أبو بكر علم ميراث الجد من محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام