فإنهم لما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منهم أن يقولوا كلمة واحدة تدين لهم العرب - يعني تطيع - ويملكون بها العجم قالوا له: نعطيك عشر كلمات فقال عليه الصلاة والسلام: (( قولوا لا إله إلا الله ) )فقالوا (( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ) (صّ:5) .
فعلموا المعنى، وعرفوا أنهم إذا قالوا"لا إله إلا الله"تغيرت حياتهم، وانتقلوا من حياة إلى حياة وانقطعت صلتهم انقطاعاً تاماً في الاعتقادات والتعبدات بطريقتهم الأولى، ولما فسد السليقة، وتغيرت المعرفة بلغة العرب جهل المسلمون معنى كلمة التوحيد، جهلوا معنى"لا إله إلا الله"فأصبح كثيرون ينطقونها ولكنهم في واقع الأمر ينقضونها.
إذاً لا بد من شرح معنى هذه الكلمة، ولا بد من بيان ما دلت عليه، ولا بد من بيان نواقضها حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه خاصة في هذا الوقت الذي تكالبت فيه الأمم على أمة الإسلام فكان لزاماً على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تعيد النظر في نفسها، وفي الخلل الذي أضر بها، وهذا الخلل معظمه من الداخل وأقله من الخارج.
إن أصل الإسلام يقوم على الشهادتين:
شهادة"أن لا إله إلا الله"وشهادة"أن محمداً رسول الله".
فشهادة أن لا إله إلا الله معناها: توحيد المعبود، وشهادة أن محمداً رسول معناها: توحيد المتبوع - عليه الصلاة والسلام - وسنتكلم عن الأولى شهادة"أن لا إله إلا الله"، فمن شهد أن لا إله إلا الله وعلم معناها وعمل بمقتضاها فإنه تلقائياً يشهد أن محمداً رسول الله.
إن معنى كلمة"شهادة"في لغة العرب: الخبر القاطع الصادر عن علم ويقين. فتضمنت كلمة الشهادة أمرين:
الأول: علم ويقين، وهذا يكون في القلب.
الثاني: إخبار وإعلام، وهذا نطق باللسان، وهو القول.