فهرس الكتاب
الصفحة 106 من 765

ولقد ضرب الله مثلا لمن هو حر حقيقة بعبوديته لله تعالى وحده، ومن استعبده غيره من الآلهة المتعددة، فقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} . [الزمر: 29]

إن الآية تصور لنا رجلين:

أحدهما عبد مشترك لمالكين متعددين بينهم خلاف ونزاع شديد، كل شريك منهم يأمر ذلك العبد بأمر يخالف أوامر شركائه الآخرين ويصر على أن يطيعه في أمره، وطاعته لأحدهم معصية لأمر كل واحد من شركائه الآخرين، فلا يستطيع أن يرضي كل واحد من هؤلاء الشركاء، بل سيكونون كلهم ساخطين عليه، وسيعيش في حيرة وضنك وشقاء.

وثانيهما: عبد لرجل واحد لا يأمره ولا ينهاه إلا هو.

فأي العبدين أقرب إلى الحرية: الأول الذي فيه شركاء متشاكون، أم الثاني الذي هو عبد لرجل واحد؟!

المثل الأول لمن استعبده غير الله -أيا كان هذا الغير- والمثل الثاني لمن تمحضت عبوديته لله وحده، ولله المثل الأعلى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام