ثم: المقصود بفرق أهل القبلة جميعا، هم الذين افترقوا عن السنة والجماعة، وليس الذين خرجوا عن الدين، وهذه أيضا من المسائل التي يخلط فيها كثير من الناس، بل وبعض المنتسبين إلى العلم الشرعي وهو أنهم يتوهمون أن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر الافتراق، وأحوال المفترقين وأوصافهم ووعيدهم؛ أنه يعني أنهم خرجوا من الإسلام، لا بالعكس، اتفق السلف على أن المقصود بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الافتراق ووعيد أهل الافتراق وذكر الفرق في الأمة، وأنها ثلاثة وسبعين فرقها كلها هالكة إلا واحدة، وكلها في النار إلا واحدة، إنه لا يقصد بذلك أنهم خارجين من الملة، ولا أنهم أيضا من أهل الخلود في النار، إن هذا من باب الوعيد، كما توعد الله السارق والزاني وآكل الربا بالنار، فكذلك هؤلاء تُوعدوا بالنار من باب الوعيد، ومصيرهم الجنة حتما بموجب قواطع النصوص، إذا فرق أهل القبلة -يعني الذي خرجوا عن السنة- مسلمون، لكنهم وقعوا في البدعة وخالفوا السنة، فهم متوعدون بنصوص الوعيد ، بالهلاك والنار، وحكمهم حكم أهل الوعيد وأهل الكبائر، إلا من كان منهم كافرا في الباطن، وهذا أمر لا يعلمه إلا الله عز وجل، فلا نتناقش فيه، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه يعرف باطن هذا أو ذاك، فالباطن لا يعلمه إلا الله، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما أطلعه الله على بعض المنافقين، أسر ذلك لئلا يفتن المسلمين، أو يقع المسلمين في فتنة، فيحاولوا الاطلاع على المنافقين، وبقي السر ولم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم إلا لواحد من الصحابة، وهم منافقون خُلَّص، إذا من كان منهم كافر في الباطن؛ فهذا نستثنيه لكن ل نستطع أن نعينه بعينه.
أو كان خلافه في الدين