وُلد -رحمه الله- بحرَّان في العراق سنة 661 هـ، ثم سافر به والده سنة 667 هـ إلى دمشق بعد أن هجم التتار على بلاد العراق.
نشأ في دمشق، وشَبَّ وترعرع وعاش في هذه المدينة، ونهل من علمائها إلى أن توفي سنة 728 هـ، وكان سجينًا بقلعة حلب.
وصفه تلاميذه ومعاصروه فأبانوا وجَلَّوْا حقيقة هذا الرجل. يقول عنه تقيُّ الدين ابنُ دقيقِ العيدِ لَمَّا قابله وسُئل عنه؛ كيف رأيت هذا الرجل؟! قال: رأيت رجلا سائرُ العلوم بين يديه يأخذ منها ما شاء ويَذَر.
الإمام الذهبي وهو يُعتبر من الصيارفةِ النُّقاد في باب الرجال، وهو من تلامذة الشيخ، وإن كان البعض يَعُدُّه من أقرانه لكنه -في الواقع- من تلامذة الشيخ.
ذكر الذهبي أن الشيخ بَرَّزَ في سائرِ العلومِ، حتى قال في مجال الحديث:"كل حديث لا يعرفه ابن تَيْمِيَّةَ؛ فليس بحديث"، وقال:"لو حُلِّفْتُ بين الرُّكنِ والمقام أني ما رأيت مثله ولا هو رأى مثل نفسه؛ ما حنثتُ".
ويكفيه شرفا وفخرا أنه تَخَرَّجَ على يديه وتتلمذ على يديه كبارُ الأئمةِ؛ كالإمام ابن القيم، والإمام ابن كثير صاحب التفسير، والإمام الذهبي، والإمام ابن مُفلح. فهؤلاء أعلام وأئمة، وهم ثمرة من ثمرات هذا الإمام العظيم.
لا يستطيع الإنسان أن يُجَلِّيَ هذه الشخصيةَ في درسٍ أو درسين، ولهذا كُتِبَ عنه مؤلفاتٌ في حياته، وفي طلبه للعلم، وفي جهاده، وفي صبره. كان مدرسة -رحمه الله- في كل شيء؛ مدرسة في العبادة، مدرسة في السلوك، مدرسة في طلب العلم، مدرسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مدرسة في التعامل مع الآخرين، في التعامل مع الحكام. فقلما تجد مجالا إلا وله اليدُ الطُّولى فيه. هذه لمحة موجزة عنه -رحمه الله-.
يقول عنه ابنُ عبد الهادي وابنُ كثيرٍ: إنه جَلَسَ للفتيا والتدريس وعمره سبع عشرة سنة، وَخَلَفَ والده في"المدرسة الظاهرية"وعمره تسع عشرة سنة.