الصفحة 30 من 141

مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق: 38] ، نفي التعب لكمال القدرة ونهاية القوة، وقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] ، نفى الإدراك ـ أي الإحاطة ـ لكمال العظمة، بحيث لا يحاط به إذا رئي، وقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] ، نفى الظلم لاتصافه بكمال العدل، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: 44] ، نفى العجز لما ذَيَّل به الآية من كمال العلم والقدرة.

وكذلك النقائص المنفصلة فإن نفيها دليل على كمالات وجودية، كقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22] ، وقوله: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 101] ، نفى الشريك والظهير والولد والصاحبة لكمال غناه وقهره وملكه، وكقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] ، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، نفى الكفء والمثل لتفرده بصفات الكمال المطلق [1] .

أما الصفات السلبية المحضة التي درج المتكلمون على ذكرها مفصلة في كتبهم الكلامية [2] فإنها لا تدل على الكمال أصلا, فضلا أن تحقق ما يفيده المثل الأعلى من الكمال المطلق، ولهذا قال القاضي علي بن علي بن أبي العز الحنفي:"النفي المجرد مع كونه لا مدح فيه، فيه إساءة أدب، فإنك لو قلت للسلطان: أنت لست بزبال ولا كساح ولا حجام ولا حائك لأدَّبك على هذا الوصف وإن"

(1) انظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص58، 59، الصواعق المرسلة لابن القيم 3/ 1021 - 1025، شرح النونية لأحمد بن عيسى 2/ 210 - 214.

(2) انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص155 - 156، شرح النسفية للتفتازاني 1/ 94 - 100، شرح الجوهرة للبيجوري ص95 - 99.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام