فنزه نفسه عن الصاحبة والولد، لأنهما ينافيان مثله الأعلى (كماله المطلق) ، ويدلان على وجود النظير، إذ الفرع يماثل أصله، ولا يكون إلا بين أصلين متماثلين [1] .
وقد كان أكثر ضلال الأمم في صفة الولد، فقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال مشركو العرب: الملائكة بنات الله، وأمهاتهن سروات الجن، وقال بها من قبل: الهنادك والبوذيون وغيرهم من يطول المقام بذكرهم [2] . ولهذا كثر في النصوص تنزيه الله عن صفة الولد، والرد على من افتراها بطرق متعددة، منها:
1 -التشنيع بأهل هذه الفرية، وتقبيح مقالتهم، ووعيدهم بأعظم العقوبات، قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: 88 - 91] ، وقال: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 4، 5] ، وقال: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 68 - 70] ، فأوعد من كذب عليه بدعوى الولد بعدم الفلاح في الدارين، وذلك
(1) انظر: درء التعارض لابن تيمية 7/ 369.
(2) انظر: العقائد الوثنية في الديانة النصرانية لمحمد التنير ص60 - 74.