وعن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» [1] .
وروى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابنًا له مات, فاشترى غلام له جَصًا وآجُرًا ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرتَ وكفرت، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجدًا ؟ ونهاه عن ذلك [2] .
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كنت أصلي وهناك قبر، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننته يقول: القمر، وإذا هو يقول: القبر، أو كما قال» [3] .
وقد قال ابن القيم رحمه الله: «وأبلغ من ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بهدم مسجد الضرار، ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فسادًا منه كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض، وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور؛ فبناءٌ أُسِسَ على معصيته ومخالفته بناءٌ محرم وهو أولى بالهدم من بناء العاصب قطعًا» [4] .
(1) أخرجه البخاري (1/422، 416) ومسلم (2/66-76) والنسائي (1/115) وكذا أبو عوانة (2/400-401) والبيهقي (4/80) والسياق لهما، وأحمد (6/51) وابن أبي شيبة (4/140) ،وصححه الألباني في الصحيحة (2/555) .
(2) لم أجده.
(3) رواه أبو الحسن الدينوري في جزء فيه مجالس من أمالي أبي الحسن القزويني (ق3/1) بإسناد صحيح وعلقه البخاري (1/437 فتح) ووصله عبد الرزاق أيضًا في «مصنفه» (1/404/1581) وزاد: «إنما أقول القبر: لا تصل إليه» .
(4) إغاثة اللهفان (1/210) .