الصفحة 3 من 32

قال رئيس القبيلة _الشيخ_: لم نفقد الشيء الكبير؛ فقد كنا خليقين أن نفقد كل شيء، ولكن حمداً لله وشكراً؛ فإن لدينا نحو أربعين في المائة من ماشيتنا، وباستطاعتنا أن نبدأ العمل من جديد+.

ثم قال بودلي: =وثمة حادثة أخرى، فلقد كنا نقطع الصحراء بالسيارة يوماً، وانفجر أحد الإطارات، وكان السائق قد نسي استحضار إطار احتياطي، وتولاني الغضب، وانتابني القلق والهم، وسألت صحبي من الأعراب: ماذا عسى أن نفعل؟

فذكروني أن الاندفاع إلى الغضب لن يجدي فتيلاً، بل هو خليق أن يدفع الإنسان إلى الطيش والحمق.

ومن ثم درجت بنا السيارة وهي تجري على ثلاث إطارات ليس إلا، ولكنها ما لبثت أن كفت عن السير، وعلمت أن البنزين قد نفد.

وهنالك _أيضاً_ لم تثر ثائرة أحدٍ من رفاقي الأعراب، ولا فارقهم هدوؤهم، بل مضوا يذرعون الطريق سيراً على الأقدام. +

وبعد أن استعرض بودلي تجربته مع عرب الصحراء علق قائلاً: =قد أقنعتني الأعوام السبعة التي قضيتها في الصحراء بين الأعراب الرُّحل _أنَّ الملتاثين، ومرضى النفوس، والسِّكِّرين الذين تحفل بهم أمريكا وأوربا ما هم إلا ضحايا المدنية التي تتخذ السرعة أساساً لها.

وإنني لم أعانِ شيئاً من القلق قط وأنا أعيش في الصحراء، بل هنالك في جنة الله وجدت السكينة، والقناعة، والرضا. +

وأخيراً ختم كلامه بقول: =وخلاصة القول: أنني بعد انقضاء سبعة عشر عاماً على مغادرتي الصحراء _مازلت أتخذ موقف العرب حيال قضاء الله، فأقبل الحوادث التي لا حيلة لي فيها بالهدوء والامتثال، والسكينة.

ولقد أفلحت هذه الطباع التي اكتسبتها من العرب في تهدئة أعصابي أكثر مما تفلح آلف المسكنات والعقاقير الطبية. +

وبعد أن قرأت هذه القصة، إليك أيها القارئ تفصيلاً ميسراً موجزاً عن الإيمان بالقدر وبعض مسائله، وثمراته وغير ذلك في الصفحات التالية.

أولا: تعريف الإيمان بالقدر: يمكن أن يعرف بأحد التعريفات التالية:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام