الصفحة 348 من 882

السامري مع عظم جرمه1، وأهلك بلعام بن بعور مع سابق معرفته2، {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُم يُسْأَلُون} . [سورة الأنبياء، الآية: 23] .

ويقال لمن زعم خطيئة آدم قد عمّت سائر أولاده، وأنه لا يطهرهم من خطاياهم إلاّ قتل المسيح: فالتوراة والنبوات ترد هذه المقالة الشوهاء؛ وذلك أن التوراة تقول في السفر الأوّل - وهو الذي يعرف بسفر الخليقة ت لقابيل الذي قتل هابيلاً، وردّ الله عليه قربانه ولم يتقبله / (1/147/ب) :"إنك إن أحسنت تقبلت منك، وإن لم تحسن فإن الخطية رابضة ببابك"3. وإذا كان الأمر كذلك فقد صار إحسان المحسن من بني آدم مطهراً له ومخلصاً، فلا حاجة إلى شيء آخر.

وقال الله تعالى في السفر الأوّل من التوراة:"إني سأجزي هابيل عن الواحد سبعة"4. وفي ذلك مندوحة عن التطهير بقتل وصلب، إذ الجزاء طهرة وزيادة.

وقد قال الله تعالى في بعض النبوات:"لا آخذ الولد بخطية والده ولا الوالد بخطية ولده، طهارة الطاهر له تكون، وخطية الخاطئ عليه تكون"5.

وذلك موافق لقول ربنا جلّ اسمه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . [سورة الأنعام، الآية: 164] .

1 لم يرد في التوراة المحرفة ذكر السامري، الذي صنع العجل لبني إسرائيل، فعبدوه من دون الله حينما ذهب موسى عليه السلام لميقات ربّه كما أخبرنا القرآن الكريم في سورة طهَ الآيات: 83-99. وإنما تنسب التوراة المحرفة هذا الشرك القبيح - الذي فعله السامري - إلى هارون عليه السلام - حسب عادة اليهود في تحريف كتبهم ونسبة الشرك والقبائح إلى أنبيائهم، ليكون ذلك ذريعة لهم إلى فعلها. (ر: سفر الخروج الإصحاح(32) ، وقاموس الكتاب ص 944) . وقد ذكرت التوراة أن الله غفر له خطأه، وأمر برسمه وذريته كهنة على بني إسرائيل. (ر: سفر الخروج 40/12-15، وقاموس الكتاب ص 995) .

2 وردت قصته في سفر العدد (الإصحاحات: 22، 23، 24، 31) ، وقد تقدم ذكرها. (ر: ص 35) .

3 سفر التكوين 4/6، 7.

4 سفر التكوين 4/15.

5 سفر حزقيال 18/20.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام