الصفحة 341 من 882

قد انقضى ومضى وأنه ليس مسترسلاً أبداً، فهو سبحانه توعد آدم إلاّ أن يتوب وقد تاب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا معنى بعد ذلك لقتل المسيح.

ثم نقول لهم: أخبرونا عن هذا القضاء الذي تدّعونه، أليس هو استدراك مصلحة الأداء، وهو أن يأتي القاضي بمثل ما فَوَّت؟!.

فإذا قالوا: نعم. قلنا: فالذي فَوَّته آدم هو الانكفاف عن الأكل، وقد قضاه المسيح بصومه ووصاله أربعين يوماً / (1/143/ب) بلياليها كما حكيتم عنه في الإنجيل، وفي ذلك قضاء لما ضيّعه آدم؛ لأنه من جنس الأداء المفَوَّت فلا حاجة إلى قتل المسيح إذ هو خارج عن جنس الأداء المضيَّع.

فإن قالوا: إن آدم وجب عليه موت المعصية، وهو: الخلود في النيران أبداً وهو أعظم الموتتين، فجاء موت المسيح قضاء عن ذلك الموت فصار من جنسه.

فنقول: هذا باطل؛ لأنه لو كان موت المسيح من جنس موت آدم لكان المسيح قد أماته الله موت الخطيئة، فكان يكون مخلداً في دركات النار بدلاً عن آدم، فأما إذ مات موت الطبيعة - ينقضي عن صاحبه وشيكاً - فكيف جعلتم موتاً لا بقاء له مكافئاً لموت لا انتهاء له؟!!. فبطل ما عوَّلتم عليه، وإذا بطلت دعواكم بطل قتل المسيح إذ صار ساذجاً عن المعنى، فارغاً من الفائدة والرّبّ يتعالى عن العبث.

ثم نقول لهم: أليس ولد الصُّلب أولى من ولد الابن، وولد البنت في الميراث وكثير من الأحكام، فما الذي أصار المسيح على بُعْدِه/ (1/144/أ) أحق من شيث1 ومن

1 شيث عليه السلام: اسم سامي معناه: (معين أو بديل) ، ابن آدم. وقد ولد بعد قتل هابيل فكان بديلاً عنه، وقد عاش 912 سنة. (ر: تكوين 5/3، قاموس ص 531) .

قال الإمام ابن كثير في قصص الأنبياء 1/57:"فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام، وكان نبيّاً بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه. (ر: موارد الظمآن ص 53) عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف، على شيث خمسين صحيفة ..."اهـ."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام