الصفحة 4 من 28

الأولون و الآخرون ، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يُسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون ؟ و ماذا أجبتم المرسلين ؟ فجواب الأولى بتحقيق"لا إله إلاّ الله"معرفةً و إقرارًا و عملاً ,و جواب الثانية بتحقيق"أنّ محمدا رسول الله"معرفةً و إقرارًا و انقيادًا و طاعةً .

و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله , و أمينه على وحيه , و خيرته من خلقه , و سفيره بينه و بين عباده ، المبعوث بالدّين القويم , و المنهج المستقيم , أرسله الله رحمة للعالمين , و إماما للمتّقين , و حجّة على الخلائق أجمعين ، أرسله على حين فترة من الرّسل , فهدى به إلى أقوم الطّرق , و أوضح السبل , و افترض على العباد طاعته و تعزيره و توقيره و محبّته , و القيام بحقوقه , و سدّ دون جنّته الطّرق , فلن تفتح لأحد إلاّ من طريقه , فشرح له صدره , و رفع له ذكره , و وضع عنه وزره , و جعل الذلّة و الصّغار على من خالف أمره ، ففي المسند من حديث أبي منيب الجُرشي عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « بعثت بالسّيف بين يدي السّاعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له , و جعل رزقي تحت ظلّ رمحي , و جعل الذلّة و الصغار على من خالف أمري , و من تشبّه بقوم فهو منهم » .

و كما أنّ الذلّة مضروبة على من خالف أمره , فالعزّة لأهل طاعته و متابعته , قال الله سبحانه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران 139 . و قال تعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } المنافقون 8 . و قال تعالى: { فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ } محمّد 35 .و قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } الأنفال 64 [1] .

فصلّ يا ربّ على خير الورى ... ما صدحت قمرية على الدّرى

و الآل و الأزواج و الأصحاب ... و التّابعين من أولي الألباب

أمّا بعد: إنّ الحديث عن سيّد الأنام عليه الصّلاة و السلام ذو شجون , و لو أردت تقديره فلست أدري كيف التقدير يكون ..,فهو كثير الحواشي و طويل الذّيل , لا يسأم منه المتكلمون , و لا يملّّ منه السامعون , و لذا سوف أقتصر في هذا المقام على هذه النّبذة المختصرة من سيرته العطرة , و هي كلمات جادت بها قريحة أحد أئمتنا الأعلام , و كبار شيوخ الإسلام ..

(1) مقدّمة: زاد المعاد في هدي خير العباد ( ص 11 ـ 12 ) ط: دار ابن حزم . الطبعة الأولى: 1420 هـ 1999 م .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام