وأما على قول السنهوري فمبادئ الشريعة هي:"لا ضرر ولا ضرار"، و"درءُ المفاسد مقدّم على جلب المصالح"و"ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب"، و"الحكم يدور مع العلّة وجودًا وعدمًا"، و"الضرورات تبيح المحظورات"، وبهذا فإنه يمكن أن تشترك فيها كثير من القوانين الوضعيّة مع الشريعة الإسلاميّة، ومع ذلك تختلف معها في الأحكام.
فما هو النزاع بين الإسلام وغيره من الأنظمة غير الإسلامية؟؟؟
والجواب هو أن الإسلام لا يصطدم مع عقلاء البشر في وجوب جلب المصالح ودفع المفاسد وإنما النزاع في تحديد المصالح وكيفية جلبها وتحديد المفاسد وكيفية دفعها، فبعدما اتفقنا على وجوب جلب المصالح ودفع المفاسد اختلفنا في تحديد معنى المصالح وكيفية تحقيقها ومعنى المفاسد وكيفية دفعها، وتميز الإسلام عنهم بذلك، فالربا مثلا وهو من أعظم المصالح عندهم، هو ذاته من أعظم المفاسد في الإسلام، التي تستوجب محاربة الله سبحانه ورسوله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} . هذا من حيث تعريف حقائق الأشياء، أما من حيث أحكام المصالح والمفاسد بعد الاتفاق على حقيقتها -أعني المصالح والمفاسد- كالزنا مثلا، فبعد الاتفاق على مفسدتها، تميز الإسلام عن غيره من الأنظمة في الأحكام المتمثلة في كيفية الثبوت وإجراء العقوبات، فالقانون المصري الوضعي في المواد (167، 268، 274، 275، 276، (277 يتنافى ويختلف مع أحكام الشريعة الإسلامية في توصيف جريمة الزنا وعقوبتها.
فمثلا جريمة الزنا لا تعد فاعلته مجرمة إلا إذا وقع في بيت الزوجية وبغير رضا الزوج أو كانت قد اتخذته مهنة. وحتى إذا اتخذته مهنة فإن الفاعل لا يعد مجرما بل يأتي شاهدا عليها. وعقوبة الزوجة الزانية هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين، يقول الدكتور محمود محمود مصطفى في شرح قانون العقوبات:"وقد اقتبس الشارع المصري أحكام الزنا من القانون الفرنسي المواد (237،239 ("، وقال أيضاً:"تنص المادة(247 عقوبات) على ما يأتي: المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت"، إلى آخر هذه الانحرافات التي تشيع الفاحشة في الذين آمنوا وصدق الله العظيم {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} .
ب- المواد (313، 314، 315 أ، 316، 316 مكرر، 317، 318، 323، 324) تختلف مع حكم الشريعة في جريمة السرقة من حيث توصيف الجريمة وعقوبتها.