فهرس الكتاب
الصفحة 8 من 14

قال الشيخ: أبو محمد ، موفق الدين بن قدامة ، ' ، لما انجر كلامه في مسألة: هل كل مجتهد ، مصيب أم لا ؟ ورجح انه ليس كل مجتهد مصيباً ، بل الحق في قول واحد من أقوال المجتهدين ، قال: وزعم الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام، إذا نظر فعجز عن إدراك الحق ، فهو معذور غير آثم - إلى أن قال - أمَّا ما ذهب إليه الجاحظ ، فباطل يقيناً ، وكفر بالله تعالى ، ورد عليه وعلى رسوله .

فإنا نعلم قطعاً: أن النبي ' أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه ، وذمهم على إصرارهم ، وقاتل جميعهم ، وقتل البالغ منهم ، ونعلم: أن المعاند العارف مما يقل ، وإنما الأكثر مقلدة اعتقدوا دين آبائهم تقليداً ، ولم يعرفوا معجزة الرسول ' وصدقه .

والآيات الدالة في القرآن على هذا كثيرة ، كقوله تعالى: { ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار } [ص:27] ، { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين } [ فصلت: 23] ، { وإن هم إلا يظنون} - [ البقرة: 78] { ويحسبون أنهم على شيء } [المجادلة: 18 ] ، { ويحسبون أنهم مهتدون } [الأعراف: 30 ] ، { الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } [ الكهف: 104 ، 105 ] ، وفي الجملة: ذم المكذبين لرسول الله مما لا ينحصر في الكتاب والسنة . انتهى .

فبيّن رحمه الله: أنا لو لم نكفر إلا المعاند العارف ، لزمنا الحكم بإسلام أكثر اليهود والنصارى ، وهذا من أظهر الباطل ، فقول الشيخ تقي الدين ، ': إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة ، يدل من كلامه على أن هذين الأمرين ، وهما: التكفير ، والقتل ، ليسا موقوفين على فهمك الحجة مطلقاً ، بل على بلوغها ، ففهمها شيء ، وبلوغها شيء آخر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام