فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 14

فظاهر كلام أبي إسحاق: أنه لا فرق بين المتأول وغيره ، والله أعلم ، وما نقله القاضي عن مالك ، من حمله الحديث على الخوارج ، موافق لإحدى الروايتين عن أحمد ، في تكفير الخوارج ، اختارها طائفة من الأصحاب وغيرهم ، لأنهم كفروا كثيراً من الصحابة ، واستحلوا دماءهم وأموالهم ، متقربين بذلك إلى الله ، فلم يعذروهم بالتأويل الباطل ، لكن أكثر الفقهاء على عدم كفرهم ، لتأويلهم ، وقالوا: من استحل قتل المعصومين ، وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر ، وإن كان استحلالهم ذلك بتأويل كالخوارج لم يكفر ، والله أعلم .

المسألة الثانية: أن تكفير الشخص المعين وجواز قتله ، موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية ، التي يكفر من خالفها … إلى آخره ، يشمل كلامه من لم تبلغه الدعوة ، وقد صرح بذلك في موضع آخر ، ونقل ابن عقيل عن الأصحاب: أنه لا يعاقب ، وقال: إن الله عفا عن الذي كان يعامل ويتجاوز ، لأنه لم تبلغه الدعوة ، وعمل بخصلة من الخير .

واستدل لذلك بما في صحيح مسلم مرفوعاً (( والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي أو نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار ) )قال في شرح مسلم: وخص اليهودي والنصراني ، لأن لهم كتاباً ، قال ، وفي مفهومه: أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور ، قال: وهذا جار على ما تقرر في الأصول ، لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح . انتهى .

وقال القاضي: أبو يعلى ، في قوله تعالى: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } [ الإسراء: 15] في هذا دليل على أن معرفة الله لا تجب عقلاً ، وإنما تجب بالشرع ، وهو بعثة الرسل ، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك ، لم يقطع عليه بالنار . انتهى .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام