وقال أيضاً: ونحن نعلم بالضرورة ، أن رسول الله لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً من الأموات ، لا من الأنبياء ولا غيرهم ، لا بلفظ الاستغاثة ، ولا بلفظ الاستعانة ، ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت ، ولا إلى ميت ونحو ذلك ، بل نعلم: أنه نهى عن ذلك كله ، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، لكن لغلبة الجهل ،وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين ، لم يمكن تكفيرهم بذلك ، حتى يبين لهم ما جاء به الرسول. انتهى.فانظر إلى قوله: لم يمكن تكفيرهم بذلك ,حت يبين لهم ما جاء به الرسول ,ولم يقل حتى يتبين لهم ، ونتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة .
وقال أيضاً: لما انجر كلامه في ذكر ما عليه كثير من الناس ، من الكفر ، والخروج عن الإسلام ، قال: وهذا غالب في الأعصار والأمصار ، التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق ، فلهؤلاء من عجائب الجهل ، والظلم والكذب ، والنفاق والكفر والضلال ، ما لا يتسع لذكره المقال .
وإذا كان في المقالات الخفية ، فقد يقال إنه فيها مخطئ ضال ، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ، لكن ذلك يقع في طوائف منهم ، في الأمور الظاهرة ، التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين ، أنها من دين الإسلام ، بل اليهود والنصارى والمشركون ، يعلمون أن محمداً بعث بها ، وكفر من خالفها ، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له . ونهيه عن عبادة أحد سواه ، من الملائكة والنبيين او غيرهم ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام .