الصفحة 35 من 56

رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» ; والله أعلم."

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

تكميل في المحرم من العام الماضي، أعني: عام 1380 سألني مندوب صحيفة"البلاد"عن مسائل، بعضها يتعلق بالقومية، فأجبته بما نشر في صحيفة البلاد. ولتكميل الفائدة للقراء رأيت أن أذكر السؤال والجواب هاهنا وهذا نصها:

السؤال الأول: ما رأي فضيلتكم في الدعوة التي تقوم بها بعض الأوساط الخارجية إلى أن القومية العربية وحدها هي الرابطة الأولى بين العرب؟

السؤال الثاني: ما رأي فضيلتكم في الاتجاه الذي يبدو واضحا في هذه الأيام للمقارنة بين القومية والإسلام، والذي يظهر في بعض الجرائد والمجلات بالمملكة؟

السؤال الثالث: بعض المخلصين من الوعاظ يعالجون في وعظهم الأمور البسيطة الفرعية في الدين كطريقة حلاقة الرأس، أو شكل الملابس، في حين أن هناك أمورا هامة تتصل بالعقيدة، تحتاج من هؤلاء المخلصين من الدعاة إلى عناية خاصة لأنها أمور هامة أساسية، فما رأي فضيلتكم في هذا؟

السؤال الرابع: تود جريدة البلاد أن تحمل من فضيلتكم نصيحة إلى قرائها من مختلف الطبقات فما هي؟.

الجواب عن السؤال الأول: أن يقال: لا ريب أن الدعوة إلى أن تكون القومية العربية هي الرابطة الأولى بين العرب، دعوة باطلة لا أساس يؤيدها لا من العقل ولا النقل، بل هي دعوة جاهلية إلحادية يهدف دعاتها إلى محاربة الإسلام، والتملص من أحكامه وتعاليمه. وقد يدعو إليها من لا يقصد هذا المعنى وإنما دعا إليها تقليدا لغيره وإحسانا للظن به، ولو عرف حقيقة المقصود منها لحاربها وابتعد عنها. وكل من له أدنى معرفة بتاريخ العرب قبل الإسلام وبعده يعلم إنه لم يكن للعرب كبير قيمة تذكر ولا راية ترهب إلا بالإسلام، وبه فتحوا البلاد وسادوا العباد. وبه كانوا أمة مرهوبة الجانب، محترمة الحقوق مرفوعة الرأس، حتى غيروا فغير عليهم، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الآية. ولا أحب أن أطيل في هذا الميدان لأن الصحيفة لا تتحمل ذلك، والحق في ذلك أوضح من الشمس، لا يرتاب فيه من له أدنى إلمام بحال العرب والإسلام، وما أحسن قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} وقوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} 59 وإذا كان الهدف من الدعوة إلى القومية العربية أن يجتمع العرب، وأن يشتركوا في مصالحهم، وأن ينتصفوا من عدوهم ويطردوه عن بلادهم، فليس هذا هو السبيل إلى هذا الغرض النبيل، وإنما السبيل الوحيد هو الرجوع إلى دينهم الحق، الذي به شرفوا وعرفوا وبرزوا في الميدان، وسادوا الأمم، والتمسك بتعاليمه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام