الصفحة 14 من 58

و الغاية من خلق الخلق هي عبادته سبحانه و تعالى و توحيده و لا يتم التوحيد إلا بالكفر بالطاغوت، فقال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: (اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: {ولقد بعثنا في كُل أُمةٍ رسولا أن اعبُدوا الله واجتنبوا الطاغُوت} (النحل: 36) .

و بعد أن بينا شيئا من أهمية الكفر بالطاغوت ناتي الآن لبيان حكم من لم يكفر بالطاغوت:

أقول أن الإنسان إذا لم يكفر بالطاغوت لم يكن مسلما و لا دخل في الإسلام، إذ شهادة التوحيد التي يرددها المرء مرارا (لا إله إلا الله) تستوجب على المسلم أن يكفر بكل معبود من دون الله اعتقادا و قولا و عملا، فلا يعبده و لا يحبه و لا يواليه و لا يناصره .... فكلمة التوحيد لها قيود و شروط من بينها الكفر بالطاغوت كما ذكر ذلك أهل العلم، فلا يكون المسلم مسلما إلا بعد الكفر بالطاغوت و إن صلى و صام، و لا يكون الموحد موحدا إلا بالبراءة من كل معبود من دون الله و إن عبد الله.

قال تعالى:

(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة)

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في (الدرر السنية) :

فدلت الآية على أنه لا يكون العبد مستمسكاً بلا إله إلاَّ الله إلاَّ إذا كفر بالطاغوت، وهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن لم يعتقد هذا، فليس بمسلم، لأنه لم يتمسك بلا إله إلاَّ الله، فتدبر واعتقد ما ينجيك من عذاب الله، وهو تحقيق معنى لا إله إلاَّ الله نفياً وإثباتاً. أهـ

وقال الشنقيطي في (أضواء البيان ج5 ص244) :

وأشار إلى أنه لا يؤمن أحد حتى يكفر بالطاغوت بقوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [2/ 256] .

ومفهوم الشرط أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو كذلك، ومن لم يستمسك بالعروة الوثقى فهو بمعزل عن الإيمان؛ لأن الإيمان بالله هو العروة الوثقى، والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله؛ لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه، كما هو صريح قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} الآية [2/ 256] .أهـ

و في الحديث:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام