الصفحة 33 من 234

تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا , ثُمَّ انْصَرَفُوا حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ عَادَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى مَجْلِسِهِ ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِثْلَ مَا قَالُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ . , ثُمَّ انْصَرَفُوا فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُ ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ ، فَقَالُوا: لَا نَبْرَحُ حَتَّى نَتَعَاهَدَ لَا نَعُودُ ، فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ أَخَذَ عَصَاهُ , ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا أَبَا حَنْظَلَةَ عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا . فَقَالَ الْأَخْنَسُ: وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتُ بِهِ , ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْلٍ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمِ مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ ؟ فَقَالَ: مَاذَا سَمِعْتَ ؟ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ ؛ أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا ، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا ، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرُّكَبِ وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ ، فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ ؟ وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا ، وَلَا نُصَدِّقُهُ ، فَقَامَ عَنْهُ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ" [1] "

والذين لهم ذوق في أي جيل يعرفون ما في القرآن من خصوصية وسلطان وبرهان من هذا الجانب ..

فأما فحوى القرآن .. التصور الذي يحمله. والمنهج الذي يقرره. والنظام الذي يرسمه. و «التصميم» الذي يضعه للحياة .. فلا نملك هنا أن نفصله .. ولكن فيه البرهان كل البرهان على المصدر الذي جاء منه وعلى أنه ليس من صنع الإنسان ، لأنه يحمل طابع صنعة كاملة ليس هو طابع الإنسان.

وفي هذا القرآن نور: «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً» ..نور تتجلى تحت أشعته الكاشفة حقائق الأشياء واضحة ويبدو مفرق الطريق بين الحق والباطل محددا مرسوما .. في داخل النفس وفي واقع الحياة سواء .. حيث تجد النفس من هذا النور ما ينير جوانبها أولا فترى كل شيء فيها ومن حولها واضحا .. حيث يتلاشى الغبش وينكشف وحيث تبدو الحقيقة

(1) - دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ (511 ) صحيح مرسل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام