الصفحة 15 من 234

مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ ، فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ اذْهَبُوا ، فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي ، وَالسُّيُومُ: الآمِنُونَ ، مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا ، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلاً مِنْكُمْ ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبَلُ ، رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا ، فَلا حَاجَةَ لَنَا بِهَا ، فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي ، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ ، فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ . قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ . قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ ، يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ . قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ ، قَالَتْ: فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ ؟ قَالَتْ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا ، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا ، قَالَتْ: فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً ، فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ . قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللَّهَ لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلادِهِ ، وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ بِمَكَّةَ." [1] "

وعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَرْضًا أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا لا أَخَافُ أَحَدًا حَتَّى أَمُوتَ ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ ، فَأَتَى النَّجَاشِيَّ. فَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ جَعْفَرًا وَأَصْحَابَهُ آمِنِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، قُلْتُ: لأَفْعَلَنَّ بِهَذَا وَأَصْحَابِهِ ، فَأَتَيْتُ النَّجَاشِيَّ ، فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ ، فَقُلْتُ: إِنَّ بِأَرْضِنَا ابْنَ عَمٍّ لِهَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاسِ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ ، وَإِنَّا وَاللَّهِ إِنْ لَمْ تُرِحْنَا مِنْهُ وَأَصْحَابِهِ ، لا أَقْطَعُ إِلَيْكَ هَذِهِ النُّطْفَةَ أَبَدًا وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي ، فَقَالَ: أَيْنَ هُوَ ؟ فَقَالَ

(1) - مسند أحمد (عالم الكتب) - (1 / 539) (1740) حسن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام