الصفحة 17 من 239

لذا كان وجود هذه الموجودات دليل بنفسه على وجود الخالق، قال تعالى { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } (الطور35) بل إن الدليل كامن فينا كما قال تعالى { وفي أنفسكم أفلا يبصرون } أليست أطوار الرحم آية من آيات الله؟ أليست الأوعية الدموية والشرايين والقلب واختلاف بصمات أصابع كل واحد من البشر عن الآخر لدليل عظيم على وجود هذا الخالق العظيم؟

ولكننا لسنا إلا دليلاً صغيراً بالنسبة لهذا العالم الكبير الذي خلقه الله عز وجل { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } (غافر57)

أنظر إلى هذه الكواكب السابحة التي تعد بالملايين وإلى سيرها الدقيق المنتظم، لا يصطدم بعضها ببعض على كثرتها وسرعتها الهائلة التي تذهل العقول، أنظر إلى الكرة الأرضية من يحملها على ما فيها من بحار وجبال وبشر وحيوان من يمسكها من الهوى والدمار؟ أنظر إلى شمسنا من يمدها بالوقود ويبقيها على درجة واحدة من الاشتعال وعلى مسافة محددة ومقدرة طيلة قرون طويلة؟ لو اقتربت قليلاً لمات أهل الأرض احتراقاً، ولو ابتعدت قليلاً لماتوا برداً، هل يحتاج مع هذه الأدلة إلى دليل آخر على خالقها؟

إنه الله الذي { خلق كل شيء فقدره تقديرا } هو خالق هذا الكون وبارئه ومالكه، لا شريك له في خلقه وأمره، وكل ما سوى الله مملوك مخلوق لا حول له ولا قوة إلا بربه الذي خلقه، والذي لا راد لما قضى ولا معقب لما حكم.

* وقد كان المشركون الذين بعث فيهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يعتقدون بوجود الله وأنه خالق كل شيء ومليكه، لا ينكرون ذلك أبداً، وإنما كانوا ينكرون أن يدعوهم أنبياؤهم إلى إله واحد فقط هو الله ونبذ الآلهة الباطلة التي ورثوها عن آبائهم، ولهذا قالوا { أجعل الآلهة إلها واحداً إن هذا لشيء عجاب }

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام