وهناك ترابط لا يتجزأ في العقيدة الإسلامية بمعنى أن سلاسل الاعتقاد مرتبط بعضها ببعض غاية الارتباط بحيث أن إنكار شيء منها يعتبر إنكاراً لكل شيء، فلا ينفع إيمان من آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكفر بالمسيح - صلى الله عليه وسلم - ولا ينفع إيمان من آمن بالله وكفر باليوم الآخر، ولا ينفع إيمان من آمن بالقرآن وكفر بالتوراة والإنجيل، ولا ينفع إيمان من آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكفر بعيسى أو موسى.
ولا يزال اليهود والنصارى يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، يكفر اليهود بعيسى - صلى الله عليه وسلم - ويكفر النصارى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وبينما نرى النصارى يطالبون اليهود أن يؤمنوا بالمسيح، نجدهم يقفون من محمد - صلى الله عليه وسلم - موقفاً شبيهاً بموقف اليهود من عيسى - صلى الله عليه وسلم - بل إن كلا الملتين تتفقان على الكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - أما الإسلام فإنه يدعو كلا الطائفتين إلى الإيمان بكل الرسل وبكل الكتب، وجعل لك ركناً من أركان الإسلام.
* إن النصارى لن يطالبوا المسلم بالإيمان بعيسى أو بموسى عليهما السلام، لأن المسلم يعلم أن الإيمان بعيسى وموسى شرط من شروط الإيمان، ولا يقبل الله إيمان من آمن بمحمد وكفر بالأنبياء الآخرين، لأن إنكار نبوة نبي واحد كفر لا ينفع معه إيمان بنبي آخر، ولعل هذا معنى قوله تعالى (كذبت قوم نوح المرسلين) وقوم نوح لم يكذبوا كل المرسلين وإنما كذبوا نوحاً فقط، لكن الله اعتبر ذلك بمثابة تكذيب كل المرسلين، لأن الكفر بنوح لا ينفع معه الإيمان بباقي الأنبياء.
ولهذا قال تعالى { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون تؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا } ثم انتقل السياق إلى المؤمنين فقال { والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رحيماً }