صفحة 25
[النجم: 43 - 44] ، فاقتطع الإضحاكَ والإبكاءَ والإماتةَ والإحياءَ عن أسبابها [44] وأضافها إليه، فكذلك اقتطع الأشعريُّ رحمه االله تعالى الشَّبَعَ وَالرَّيَّ والإحراقَ عن أسبابها وأضافَها إلى خالقها، لقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] ، وقوله: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] ، {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] ، {أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 84] .
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً…وآفتُه مِنَ الفَهْمِ السَّقِيْمِ [45]
فسبحان من رضي عن قوم فأدناهم، وَسَخِطَ على آخرين فأقصاهم، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} .
وعلى الجملة، ينبغي لكل عالم إذا أُذِلَّ الحَقُّ وَأُخْمِلَ الصوابُ أن يَبْذُلَ جُهْدَهُ في نُصرتهما، وأن يَجعلَ نفسَه بالذل والخمول أولى منهما، وَإِنْ عَزَّ الحَقُّ وظهرَ الصوابُ أن يَسْتَظِلَّ بظلهما، وأن يكتفيَ باليسيرِ مِنْ رَشَاشِ غيرِهما:
قليلُ منكَ ينفعني ولكنْ…قَلِيْلُكَ لا يُقَالُ لَهُ قليلُ
والمخاطرةُ بالنفوس مشروعةٌ في إعزاز الدِّيْنِ، ولذلك يجوز لِلبَطَلِ