صفحة 28
وإنما سُمِّيَ أبو حنيفة وصاحباه بـ (فقهاء الملة) ، وهي الدين الحنيفي الذي بُعِث النبي صلى الله عليه وآله وسلم به لأنهم أرفع العلماء شأناً وأقواهم حجةً وبرهاناً، والسابقون في تمهيد الأصول والفروع، الجامعون بين الرأي الصحيح والمروي المسموع، باعتبار أن الفقيه هو: العالم بأحكام الشرع بدلائلها والعاملُ بها، وهم جمعوا بينهما.
أما العلمُ فقد ظَهَرَتْ آثاره في الشرق والغرب، قال وَكِيْع: فُتِحَ لأبي حنيفة في الفقه والكلام ما لم يفتح لغيره.
قال الحسن: سمعت النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ [يقول] [36] : كان الناس نياماً عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه [37] وبينه ولخصه.
وصح عن الشافعي رحمه الله أنه قال: الناس كلهم عيال على أبي حنيفة في الفقه.
قال أحمدُ بنُ الصبّاح: سمعت الشافعي يقول لمالك بن أنس: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم، رأيته رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته [38] .
وأما العمل فقال علي بنُ يزيد: رأيتُ أبا حنيفة ختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة، ختمة بالليل وختمة بالنهار [39]
[وقال حفصُ بنُ غِياث: صلى أبو حنيفة صلاة الفجر بوضوء العشاء الأخيرة أربعين سنة. ومناقبُهُ في العلم والعمل مشهورة لا تُحْصى] [40] .