الصفحة 9 من 26

ومماتي لله رب العالمين (الأنعام:162) .. وقال: {ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} (المؤمنون:117) .. وقال: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (غافر:60) ..

فسمى الله الدعاء عبادة، فمن دعا غير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك بالله: {إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة} (المائدة:72) .. {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ..

هذا ولا بد في عبادة الله عز وجل من شرطين لقبولها:

أحدهما: إخلاص الدين له.

الثاني: موافقة أمره الذي بعث به رسله، ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه: (اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً) ، وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} قال: أخلصه وأصوبه، قالوا يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إذا كان العمل خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.

ولهذا ذم الله المشركين في القرآن على اتباع ما شرع لهم شركاؤهم من الدين مما لم يأذن به الله من عبادة غيره، وفعل ما لم يشرعه من الدين، كما قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} (الشورى:21) كما ذمهم على أنهم حرموا ما لم يحرمه الله .. والدين الحق أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه. (الفتاوى 3/ 124)

* إجماع سلف الأمة على إثبات صفات الله سبحانه وتعالى من غير تحريف أو تمثيل أو تشبيه:

وقد أجمع سلف الأمة وأهل السنة على إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه.

قال حافظ الشرق الخطيب البغدادي في الصفات:"ما روى منها في السنن الصحاح، مذهب السلف رضوان الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها."

وقد نفاها قوم ; فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف.

والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين الله بين الغالي والمقصر عنه، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام