ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السجود له، ولما سجد بعض أصحابه نهاه عن ذلك وقال:"لا يصلح السجود إلا لله"، وقال:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" (رواه أحمد والترمذي والحاكم)
وقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:"أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟"قال: لا. قال:"فلا تفعلوا" (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيحه)
ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"يحذر ما فعلوا. (متفق عليه) قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً.
وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال قبل أن يموت بخمس:"الا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد، الا فلا تتخذوا القبور مساجد"، وقال - صلى الله عليه وسلم:"وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني"، ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول الصلاة عندها باطلة.
وذلك أن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان التعظيم للقبور بالعبادة، ونحوها، قال الله تعالى في كتابه: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً، ولا يغوث ويعوق ونسراً} (نوح:23) قال طائفة من السلف: كانت هذه أسماء قوم صالحين، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها.
ولهذا اتفق العلماء على أن من سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها، لأن التقبيل والاستلام إنما يكون لأركان بيت الله الحرام، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.
وكذلك الطواف والصلاة والاجتماع للعبادات إنما تقصد في بيوت الله، وهي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فلا تقصد بيوت المخلوقين فتتخذ عيداً، كما قال - صلى الله عليه وسلم:"لا تتخذوا بيتي عيداً"كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملاً إلا به، ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه، وكما قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً} (النساء:48)
ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه، فأعظم آية في القرآن أية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} (البقرة:255) .. وقال - صلى الله عليه وسلم:"من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (رواه أحمد وأبو داود، والحاكم)
والإله: الذي يألهه القلب عبادة له، واستعانة، ورجاء له، وخشية، وإجلالاً، وإكراماً" (الفتاوى 3/ 397 - 400) "
فيجب صرف العبادة كلها لله وحده لا شريك له من صلاة وذبح، ووفاء نذر، وصوم، وحج، وطواف، ودعاء، وغير ذلك من العبادات. كما قال تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي