قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالأصل في هذا الباب (باب أسماء الله وصفاته) أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله: نفياً وإثباتاً، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وينفى عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف، ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه، مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد، لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} (الأعراف:180) .. وقال تعالى: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم} الآية (فصلت:40) ..
فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات، مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتاً بلا تشبيه، وتنزيهاً بلا تعطيل كما قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى:11) .
ففي قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} رد للتشبيه والتمثيل .. وقوله: {وهو السميع البصير} رد للإلحاد والتعطيل.
والله سبحانه: بعث رسله بإثبات مفصل، ونفي مجمل، فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى: {فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً} (مريم:65)
قال أهل اللغة: هل تعلم له سمياً أي نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال: مسامياً يساميه، وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس هل تعلم له سمياً مثيلاً أو شبيهاً. وقال تعالى: {لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد} (الإخلاص:3 - 4) .
وأما الإثبات المفصل: فإنه ذكر من أسمائه وصفاته ما أنزله في محكم آياته كقوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (البقرة:255) ، وقوله: {قل هو الله أحد* الله الصمد .. } السورة .. (الإخلاص:1 - 4) وقوله: {وهو العزيز الحكيم} (الصف:1) ، {وهو الغفور الرحيم} (يونس:107) {وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد} (البروج:15) .. {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم* هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} ... (الحديد:3 - 4) .
وقوله: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} (محمد:28) وقوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} (المائدة:54) .. وقوله: {رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه} (البينة:8) .. وقوله: