الصفحة 12 من 26

وقد وقع بسبب الغلو والجفاء الضلال في الأمم السابقة؛ فالنصارى غلو في المسيح عليه السلام حتى عبدوه وجعلوه إلهاً بل رباً خالقاً رازقاً مع الله.

واليهود جفوا فيه حتى نفوا عنه الرسالة والنبوة وقالوا فيه وفي أمه المقالة العظيمة.

والنصارى جفوا في العمل حتى استحلوا المحرمات، واليهود تنطعوا وتشددوا فشدد الله عليهم وكبلهم بالآصار والأغلال.

وقد وقع نحو هذا في هذه الأمة. ففي صفات الله سبحانه وتعالى غلا قوم في الآيات حتى شبهوا الله بخلقه، وجفا نفاة الصفات حتى نفى بعضهم كل ما وصف الله به نفسه من صفة، بل نفوا عنه كلا الأمرين من النفي والإثبات فقال: لا نقول موجود ولا غير موجود، ولا حي ولا غير حي ..

وفي الرسول غلا أقوام من الأمة، حتى جعلوا الرسول أول الموجودات ومنه خلق الله كل الموجودات، وأعطوه صفات الرب سبحانه وتعالى. وجفا أقوام عن حقه فلم يعطوه ما أوجبه الله من الطاعة التامة والتسليم لأمره، ووجوب توقيره وتعظيمه وتعزيره. وتقديم محبته على النفس والوالد والولد.

وفي الإيمان غلا أقوام من الأمة، حتى جعلوا ترك كل واجب في الدين كفراً، وفعل كل كبيرة كفراً ناقلاً عن الملة، ومخلداً في النار، وجفا آخرون فلم يدخلوا العمل كل العمل في أصل الإيمان وجوزوا أن يكون العبد مؤمناً كامل الإيمان أو ناقص الإيمان بمجرد الشهادة باللسان والتصديق بالجنان فقط!!

والدين الحق وسط في ذلك فلا يوجد من العمل بعد الشهادتين ما تركه كفر غير الصلاة التي أجمع الصحابة على كفر تاركها والتي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم:"بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". وأما فعل الكبائر وهي المعاصي والذنوب فلا يكفر بها أحد من المسلمين إلا بالاستحلال فقط، ومن مات على شيء من ذلك فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.

* رابعاً: العدل في الحكم على الناس:

من أصول أهل السنة والجماعة، العدل في الحكم على الناس، وذلك أنهم الأمة الوسط. قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} (البقرة:143) (ووسطا) أي: عدولاً. فهم قوامين لله شهداء بالقسط، وقوامين بالقسط شهداء لله كما أمرهم الله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (المائدة:8) ، وكما أمرهم كذلك بقوله: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام