وحروف وكلمات، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، له أول وآخر، وأجزاء وأبعاض، متلو بالألسنة، محفوظ في الصدور، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف، فيه محكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، وأمر ونهي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (فصلت:42) .. وقوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} (الإسراء:88) " (لمعة الاعتقاد/18 - 19) "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"مذهب سلف الأمة وأهل السنة أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، هكذا قال غير واحد من السلف، روى عن سفيان عن عمرو بن دينار -وكان من التابعين الأعيان- قال: ما زلت أسمع الناس يقولون ذلك."
والقرآن الذي أنزله الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو هذا القرآن الذي يقرؤه المسلمون، ويكتبونه في مصاحفهم، وهو كلام الله لا كلام غيره، وإن تلاه العباد وبلغوه بحركاتهم وأصواتهم، فإن الكلام لمن قاله مبتدئاً لا لمن قاله مبلغاً مؤدياً، قال الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} (التوبة:6) ، وهذا القرآن في المصاحف كما قال تعالى: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} (البروج:21 - 22) ، وقال تعالى: {يتلو صحفاً مطهرة* فيها كتب قيمة} (البينة:2 - 3) ، وقال: {إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون} (الواقعة:77 - 78) ..
والقرآن كلام الله بحروفه ونظمه ومعانيه، كل ذلك يدخل في القرآن وفي كلام الله، وإعراب الحروف هو من تمام الحروف" (الفتاوى 3/ 401) "
* ثالثاً: التزام الوسطية والحذر من الغلو والجفاء:
الملمح الثالث من ملامح المنهج المعتدل: هو التزام الوسطية والحذر من الغلو والجفاء وذلك في الاعتقاد والعمل قال تعالى: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً} (النساء: 171) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:"لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله" (البخاري) .
الغلو في الاعتقاد هو الزيادة فيه، والغلو في العمل هو التشدد والتنطع. والجفاء في الاعتقاد هو التقصير عن الحق، وجحد الصفات والفضل والخير، والجفاء في العمل هو التفريط والتهاون والتساهل .. وكلا الأمرين مذموم.