الدكتور جميل )) اكتفى بذلك لهان الأمر .. لكنه في كل مرة يخطب لا بدّ أن يمس الموضوع بإصرار .. فالضّريح لا يضم سوى عبد ميت فقط .. بل قد يكون أحياناً خالياً حتى من العظام التي لا تنفع ولا تضرّ .. !
* في أول الأمر اهتززت .. فقدت توازني .. كنت أعود إلى بيتي بعد صلاة كل جمعة حزيناً .. شيء ما يجثم فوق صدري .. يقيد أحاسيسي ومشاعري .. أحاول في مشقة أن أخرج عن هذا الخاطر ... هل كنت في ضلالة طوال هذه الأعوام؟ .. أم أن صديقي (( الدكتور ) )قد بالغ في الأمر .. فأنا أعتقد أن كل من نطق بالشهادة لا يمكن أن يكون كافراً لهفوة من الهفوات أو زلةٍ من الزلات .. !
شيءآخر أشعل في فؤادي لهباً يأكل طمأنينتي في بطء ... إن الدكتور يضعني في مواجهة صريحة ضد أصحاب الأضرحة الأولياء، والخطباء على المنابر صباح مساء .. يعلنونها صريحة: إن الذي يؤذي ولياً .. فهو في حرب مع الله سبحانه وتعالى، وهناك حديث صحيح في هذا المعنى .. وأنا لا أريد أن أدخل في حرب ضد أصحاب القبور والأضرحة؛ لأنني أعوذ بالله من أن أدخل في حرب معه - جل جلاله- ... !
وقلت: إن أسلم وسيلة للدفاع هي الهجوم .. واستعدت قراءة بعض الصفحات من كتاب (( الغزالي ) ) (( إحياء علوم الدين ) )، وصفحات أخرى من كتاب (( لطائف المنن ) ) (لابن عطاء الاسكندري) ،وحفظت عن ظهر قلب الكرامات، وأسماء أصحابها، ومناسبات وقوعها، وذهبت الجمعة الثانية، وكظمت غيطي وأنا أستمع إلى الدكتور، فلما انتهى من الدرس وأصرَّ على أن يدعوني لتناول طعام الغداء، وبعدالغداء .. تسلمته هجوماً بلا هوادة، معتمداً على عاملين:
الأول: هو أنني حفظت كمية لا بأس بها من الكرامات.
والثاني: أنني على ثقة من أنه لن يتهور فيداعبني بكفيه الغليظتين؛ لأنني في بيته! وتناولت طعامه فأمنت غضبه، وقلت له: والآتي هو المعنى، وليس نص الحوار: