الصفحة 43 من 146

(( (( (( (( (((وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) فيُفسر هذا بالأعمال الظاهرة و هذا بالأعمال الباطنة و أما إذا افترقا في الذكر فيدخل في كل واحد منهما الآخر و لهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان كما في الحديث الصحيح حديث وفد عبد قيس قال: آمركم بالإيمان بالله وحده كما في البخاري: (أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله، و أن محمداً رسول الله، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و صوم رمضان، و أن تؤدوا الخمس من المغنم) فإذا أطلق أحدهما و أفرد بالذكر دخل فيه الآخر فإذا قال الله عز و جل: (يا أيها الذين آمنوا) دخل في ذلك الإسلام و لابد يدخل في ذلك الأعمال الظاهرة و الأعمال الباطنة.

قال (و الإحسان) و الإحسان هو كمال المراقبة، و شهود المعبود بالقلب بحيث لا يغيب عنه لحظة واحدة أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فهو كمال المراقبة بالغيب و الشهادة، و هو ذروة التقوى و هو كمال الإيمان كما سيأتي تفسيره إن شاء الله تعالى

قال عز و جل: (وَأَحْسِنُوا) ، و قال: (( (( (( (( (((لِلنَّاسِ حُسْنًا) ، قال عز و جل: (( (( (اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ(128 ) )

(و منه) أي من الإيمان، و الإسلام، والإحسان كذلك، أو من العبادة و كلها صحيحة.

(منه: الدعاء، و الخوف، و الرجاء) يعني من العبادة أو من الإيمان و الإسلام و الإحسان فإن الإيمان يدخل فيه كل عمل سواء عمل قلب أو قول لسان أو عمل جوارح و لهذا إذا قرأت في كتاب الإيمان من صحيح البخاري رأيته يقول: باب كذا من الإيمان كذا من الإيمان إطعام الطعام من الإيمان رد السلام و هكذا فكل الأعمال الصالحة تدخل في الإيمان و يزيد بها.

قال (و منه) أي من الإيمان من عمل اللسان، و القلب منه الدعاء، و الخوف، و الرجاء.

(الدعاء) من أعظم العبادات و أفضلها، بل هو أساس العبادة، و هو ركنها الأعظم و لهذا أكثرت النصوص الآمرة بالتوجه إلى الله عز و جل بالدعوة لا غير و الناهية عن دعاء غير الله عز و جل حتى إن الله عز و جل سمى الدعاء عبادة و ديناً قال عز و جل: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(14 ) ) ، وقال عز وجل: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي الدعاء، وقال سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60 ) ) فسمى الدعاء ديناً وعبادة و لهذا كان صرفه لغير الله شركاً أكبر و ذنباً لا يغفر إذا دعا العبد غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا هو الشرك الكبر، و الذنب الذي لا يغفر أما إذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام