الصفحة 42 من 146

قال (و أنواع العبادة التي أمر الله سبحانه و تعالى بها) أي كل ما أمر الله عز و جل به على وجه التعبد فهو عبادة لا يجوز صرفه لغير الله عز و جل و إذا صح تسمية الشيء عبادة فصرفه لغير الله عز و جل كفر أو شرك ما دام انه عبادة لله عز و جل.

العبادة: تقدم تعريف العبادة و أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة ... و الباطنة أي أقوال اللسان و أعمال البدن و القلب فإنها هي الأعمال الباطنة كما سيأتي ذكر أمثلة على كل هذا و ضابطها ما ذكره بقوله التي أمر الله عز و جل بها فما أمر الله به له فهو عبادة لا يجوز صرفها لغيره سبحانه و تعالى.

قال (مثل الإسلام، و الإيمان، و الإحسان) و سيأتي ذكر هذه الثلاثة في الأصل الثاني و هو معرفة العبد دينه إن شاء الله تعالى.

و (الإسلام) هو الاستسلام لله بالتوحيد، و الانقياد له بالطاعة و الخلوص من الشرك و قيل: البراءة من الشرك لأنها أبلغ من الخلوص من الشرك. و الإسلام إذا أطلق في القرآن فإنه أكثر ما يقصد به التوحيد أي شهادة أن لا إله إلا الله و يدخل في ذلك بقية الشرائع شرائع الإسلام كما سبق و أن مثلنا قال عز و جل: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) ثم قال: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) وبين عز و جل أن دين الرسل جميعاً الإسلام أي عقيدة التوحيد الخالص و قال عز و جل و أخبر عن يعقوب أنه قال لبنيه: (فَلَاتَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132 ) ) أي مخلصون لله التوحيد كما قال - صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) .

(و الإيمان) الإيمان في اللغة: التصديق قال عز و جل حكاية و إخباراً عن إخوة يوسف لأبيهم: (وَمَاأَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ(17 ) ) و هو في الاصطلاح: قول باللسان، و تصديق بالجنان و عمل بالأركان و هو يزيد بالطاعة و ينقص بالعصيان.

و الإسلام مع الإيمان من الألفاظ المتقاربة التي يقال فيها إذا اجتمعت افترقت و إذا افترقت اجتمعت فإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر و إذا اجتمعا في الذكر فُسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و فُسر الإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبرائيل لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام ففسره بالأعمال الظاهرة الشهادة ... و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، ثم سأله عن الإيمان ففسره بالتصديق الباطن أن تؤمن بالله وملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر و سيأتي إن شاء الله تعالى بعد ذكر الإحسان في المرتبة الثانية أو في الأصل الثاني من الأصول الثلاثة. و في قوله عز و جل: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام