قال: (المسألة الثانية: أن اله عز و جل لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد، لا مَلك مقرب و لا نبي مرسل و الدليل قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18 ) )
لا يرضى أي لا يقر و لا يحب و لا يريد الإرادة الشرعية و إن كان يريد إرادة كونية لكنه لا يريد إرادة شرعية بمعنى لا يحب لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لا يرضى لا بملك و لا بنبي فغير المَلَك و النبي أولى و أحرى لأن العبادة خالص حق الله كل أنواع العبادة. و الشرك هو أعظم الظلم ... و الإجرام و الإثم: (إِن الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(13 ) ) سواءً شرك المحبة أو شرك النية و الإرادة والقصد أ وشرك الدعوة و دعاء غير الله أو شرك الطاعة تحكيم غير شرع الله عز و جل كل هذا خالص حق الله لا يجوز صرفه لغير الله عز وجل و ستأتي إن شاء الله تعالى أنواع العبادة فلا نستعجل ذكرها هنا لا مَلَك مقرب و لا نبي مرسل فغيرهم أولى و لذلك قال عز و جل: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) قال ابن القيم: هذه هي الآية التي أتت على الشرك من أسسه و جذوره لأن هذا المدعو المُشرك لا يدعى إلا لمبرر إما أن يكون مالكاً استقلالاً و استبداداً و هذا ليس إلا الله و لهذا قال عز وجل: (لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ) فإن لم يكن مالكاً استقلالاً فأقل منه أن يكون مالكاً على وجه الشركة مشاركاً للمالك قال عز و جل: (وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ) فإن لم يكن لا هذا و لا هذا فإنما يدعى و يتوجه إليه لكونه حظياً و معيناً و وزيراً و ظهيرا قال عز و جل: (وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(22 ) ) فإن لم يكن هذا و لا هذا فإنما يدعى هذا و يتوجه إليه لكونه له وجاهة عند هذا المالك و له تقدُم قال عز و جل: (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) الشفاعة بشرطيها: رضاه عن المشفوع و إذنه للشافع فسدت هذه جميع أبواب الشرك و قضت على الشرك و أتت عليه من جذوره.