الصفحة 17 من 146

تناطح كبار المشككين و المفسدين والمشبهين بحصيلة قليلة لكن إذا تزودت و كنت من الراسخين في العلم فأنت مكلف بذلك فعلم أنه من علم المسألة حق العلم و فهمها حق الفهم لم يتطرق إليه هذا السؤال و معلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرسل رسله منهم مصعب بن عمير و غيره و لم يكونوا حفظوا العلم كله و لا القرآن كله ولكن كلفهم بما يعلمون.

و على كل حال فينبغي ألا تكون الدعوة إلا بعلم و ينبغي للموفق أن يشتغل بهذا و يشتغل بهذا و إنما تؤتى الدعوة و تتعثر و يحصل لها ما يحصل إذا تصدى للسدة و القيادة أناس ليسوا على علم و لا على فقه ولا على معرفة بشرع الله عز وجل و كيفية تطبيقه فهنا تحصل الطامة و الكارثة و تتسكع الدعوة في ضروب و دروب من الضياع و الانحراف و الانجراف و ربما يحصل المقصود عكسياً كما هو حاصل ومشاهد في كثير من الأماكن فإذا وفقت لطلبة العلم العارفين العالمين بالكتاب و السنة فإنهم بإذن الله يهدون أنفسهم بإذن ربهم و يهديهم الله عز و جل و يهدون الناس إلى صراط مستقيم وإلى طريق صحيح.

المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه:

في هذه الدعوة و العلم و العمل فلابد من الصبر في كل هذه الميادين و المجالات الأربع طلب العلم، والعمل به، و الدعوة إليه، لابد من الصبر و المصابرة و الجهاد و المرابطة و ما أمر الله عز وجل بالدعوة إلا و أتبع ذلك بالصبر لأنه معلوم أن هذا الداعية الذي يدعو إلى الله عز وجل يدعو إلى التوحيد وإلى نفي الشرك إلى تصحيح الأخلاق و العقائد تصحيح الأوضاع و المعاملات و الأحوال الاجتماعية والاقتصادية و العقائدية وما يسمى بالفكرية فإنه لابد أن يصطدم بجملة من أصحاب الأغراض ... و الشهوات و البطالات الذين تفوت مصالحهم باستجابة الناس لهذا الداعية و سيؤذونه و ينتصبون له سواء من ملأ الناس و عامتهم الذين تصدوا للرسل أو من زعمائهم و رؤوسهم أيضاً كما تصدوا لأنبياء الله عز وجل و رسله عليهم صلاة و سلامه، و على الداعية حينئذ أن يتحلى بالصبر، و يتحلى بالأناة و يتحلى بالحلم، و يتحلى بالرأفة و يتحلى بالرحمة، و يتحلى بالدفع بالتي هي أحسن، و الصبر عمن ظلم والصفح عمن أساء و غض البصر و خفض الجناح كما أمر الله عز وجل نبيه لاسيما في وقت استضعاف الدعوة و لهذا قال تعالى: (وَامُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) و قال عز و جل: (خُذِالْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ(199 ) ) و قال عز من قائل: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام