أن يخلق قبل أن يتبين لا يعلم إلا الله عز و جل، لا يعلم ماذا سيكون هذا الجنين إلا الله سبحانه و تعالى و لذلك يبقى في جانب من الرحم يسمى الغور الجنيني، فإذا كبر و خُلّق بإذن الله يعني تميزت أعضاؤه و تفصلت خرج من هذا الغور إلى الرحم و بدأ يكبر، فالمراد بالأرحام هو ما يسمى بالغور الجنيني قبل أن يخلق لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تحدد ماذا سيكون ذكر أو أنثى أو تتصرف في خلقه و تكييفه بحيث تجعله ذكراً أو تجعله أنثى و أصحاب الجينات و الأجنة و هذا العلم يقولون: إنه إذا غلب عنصر معين أذكر و إذا غلب عنصر معين آنث و لذلك حاولوا أن يدعموا العنصر عنصر التذكير ليروا هل يخرج ذكراً أو لا فجاءت النتائج سلبية جداً بعكس ما أرادوا و افسدوا الجنين و ما خرج سوياً و لا حياً فهذا كله إلى الله سبحانه و تعالى، أما بعد ذلك فلا يصبح غيباً بدليل أنه حتى قبل تطور الآلات و أجهزة التصوير قد مثلاً يشق بطن المرأة فيعرف هل هو ذكر أو أنثى فحينئذ يعرف أنه ليس بغيب، بل قد ورد في الحديث أنه يُرسل إليه الملك و يؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه و أجله و عمله و شقي هو أو سعيد فخرج عن علم الله عز و جل يعني خرج من كونه غيباً استأثر الله بعلمه إلى علم ملك الجنة به فلم يعد غيباً و الحالة هذه، و هذا و الله أعلم بعد مائة و عشرين يوم، يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك يعني إلى حد مائة و عشرين يوماً تقريباً يعني وقت التخليق و التفصيل فبعد ذلك إذا نفخ فيه الروح تميز و إذا حسبت هذه المدة وافقت المدة التي قررها علماء الأجنة و هي خروجه من الغور الجنيني فتوافق المنقول مع المعقول و هكذا فإن علم كتاب الله عز و جل و سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - موافق للعقول الصحيحة و للعلوم السوية و لا يمكن أن يتعارض بحال و قد حمل اكتشافهم لهذا الشيء بعض كبار أطباء أو علماء الأجنة على الإقرار بهذا في معرض مجادلات بعض العلماء المختصين بهذه المسائل لهم، بل إن بعضهم أشهر إسلامه فأردت التنبيه على هذه المسألة لئلا يخلط بين الأمرين.
قال: خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله عز و جل، و في الرواية التي معنا: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل.
قال: فأخبرني عن أماراتها. و هذا جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه تواضع المسؤول إذا كان لا يعلم جواب ... ما سئل عنه و من قال: الله أعلم فقد أفتى أو من قال: لا أدري فقد أفتى و لذلك كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: الله أعلم و كان صحابته تعلماً منه يقولون: الله و رسوله أعلم، و بعد وفاته لا يقال إلا الله أعلم لا يقال و رسوله أعلم إلا في حياته عليه صلاة الله و سلامه فيما يعلمه إذا سأل - صلى الله عليه وسلم - ليحضر أذهانهم لتلقي ما يقول عليه الصلاة و السلام و لذلك لا ينبغي للإنسان أن يتكلف ما لا علم له به و لا يظن أن هذا يغض من مكانته و قدره بالعكس إذا فوض الشيء إلى عالمه كان أرفع لمكانته عند الله و عند خلقه و لهذا قال الله عز و جل: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ