الصفحة 128 من 146

و الموانع و الآثام على قلبه فأصبح أسوداً مرباداً كالكوز مجخياً مثخناً بجراح سهام المعاصي و النظر ... و الآثام و الفسوق و أكل الحرام و ترك الطاعات فهذا جزاؤه كما حجب عن ربه في الدنيا أن يحجب بصره عنه يوم القيامة، كما قال عز و جل: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} نسأل الله العافية و السلامة من هذه الحال فهذا معنى الإحسان و قد تقدم كلام كثير حوله.

قال: فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني على كل حال فاستح من الله عز و جل أعظم مما يستحي الرقيب من رقيبه، و خف منه كذلك فإن الله يراك على كل حال أينما كنت و حيثما كنت فاتقه في الخلوة و الجلوة و الغيب و الشهادة، كما قال الله عز و جل: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} ، و كما قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} ، و كما قال: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} ، و قال - صلى الله عليه وسلم:"اتق الله حيثما كنت"، و في الأثر: اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك، و ما جاء عن السلف: - خف الله بقدر قربه منك - خف الله بقدر اطلاعه عليك، و استحيي منه بقدر قربه منك.

و هو عز و جل أقرب إلى كل أحد من حبل الوريد سبحانه و تعالى.

فإن لم تكن تراه فإنه يراك: هذا هو الإحسان حد الإحسان و معناه.

قال: صدقت. فأخبرني عن الساعة: الساعة المقصود بها القيامة، و لها أسماء كثيرة الواقعة، و الطامة الكبرى، و الصاخة، و القيامة، و الحاقة، و القارعة، و اليوم الآخر، و الحق، و الساعة و غير ذلك من أسمائها مما هو مفصل في محله.

قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل: و الساعة تطلق على المدة من الزمان، يقولون حتى في الزمان القديم لبث ساعة يعني مدة معينة من الزمان كانوا يقدرون في السابق بالأعمال و الأفعال مثل حلب شاة و نحر جزور، و أحياناً يقدرون بآيات قدر خمسين، و يظهر إن الساعات يعني الساعة أحياناً يستعملها الأولون استعمالاً عاماً يعني المدة المعينة من الزمان و إن لم تكن محددة على وجه الدقة، و أحياناً يقصد بها الساعة التي هي ستون دقيقة حتى على لسان الرسول بدليل قوله عليه الصلاة و السلام:"يوم الجمعة أربع و عشرون ساعة"، و في رواية"اثنتا عشرة ساعة"يعني النهار فقط،"فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله إلا أعطاه ما سأله"أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فالظاهر إن الساعة يعني مثل التقاسيم المعروفة اليوم ستون دقيقة و العلماء علماء الإسلام أول ما صنعت هذه الساعة في العهد العباسي أيضاً جروا على هذا على جعلها ستين دقيقة و الدقيقة ستين ثانية، و أحياناً يعني تطلق الساعة كما ذكرت على المدة المعينة من الزمان و إن لم تكن على وجه الدقة قال عز و جل: وَيَوْمَ تَقُومُ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام