و اليوم الآخر: اليوم الآخر هو يوم القيامة يوم يبعث الناس و يقومون لرب العالمين، يوم ترد الأجساد إلى الأرواح، يوم ينفخ في الصور، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم يجيء الجبار لفصل القضاء، يوم تأتي الملائكة، و يوم يأتي الله عز و جل، و يوم يؤتى بجهنم، سمي اليوم الآخر؛ لأنه لا يوم بعده و إنما خلود لهؤلاء و لا موت و خلود لهؤلاء و لا موت، و يحشر فيه البشر و يجمعون كلهم و يبلغ حالهم من الشدة و الضنك حتى قيل ما يتمنون أن يفصل بينهم و لو ذهب بهم إلى النار حتى يأتون الرسل ... و يسألونهم أن يشفعوا إلى ربهم عز وجل فلا ينبري لها إلا محمد عليه صلاة الله وسلامه حينئذ لن ينصرف كل واحد منا حتى يعرف مصيره إما إلى الجنة و إما إلى النار، و قد كثرت الأدلة التي فيها الإيمان باليوم الآخر و كفر من أنكر اليوم الآخر لأن كل من نفى مرتبة من هذه المراتب الست فهو كافر خارج من ملة الإسلام بإجماع قال عز و جل: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) فسماهم كفروا بهذا الزعم (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(7 ) ) .
و بالقدر خيره وشره القدر أيضاً هو المرتبة السادسة أو الركن السادس من أركان الإيمان سمي القدر قدراً يسمى القضاء و القدر من التقدير وهو الحساب قدّره على نحو كذا أي أحصاه، و القدر من أركان الإيمان القضاء و القدر لا يؤمن أحد حتى يؤمن بالقدر كما قال - صلى الله عليه وسلم:"حتى يؤمن بالقدر خيره و شره، حلوه و مره من الله"، و كما جاء في صحيح مسلم وهو أول حديث في صحيح مسلم حديث يحيى بن يعمر أنه جاء هو و رجل إلى عبد الله بن عمر فقال: إن هاهنا أناساً من قبلنا بالشام ينكرون القدر و يقولون: إن الأمر أنف. قال: إن لقيتهم فأخبرهم أنني براء منهم و الذي يحلف به ابن عمر لا يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً حتى يؤمن بالقدر خيره و شره. فهذا هو الشاهد على أن من جحد القدر فهو كافر خارج من ملة الإسلام، و القدر سر الله في خلقه كما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه، و هو من الأمور التي يجب أن يسلم فيها المرء لله عز و جل و أن يتقبلها و يؤمن بها و يسلّم و يذعن فهو سر الله في خلقه و لا ينبغي للمرء أن يخوض فيه إلا بعلم لأن كثيراً من الجهلة يطرح بعض مسائله بجهل عظيم فيقول إذا كنا كذا ففيمَ العمل؟ ولمَ نُتعب أنفسنا؟ و هذا لا يجوز و ضلال و لهذا خاض بعض الصحابة في القدر فخرج عليهم - صلى الله عليه وسلم - فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب كما جاء ذلك في السنن و نهاهم - صلى الله عليه وسلم - و أنكر عليهم. قال وهب بن منبه: نظرت في القدر نظرة ثم نظرت فيه نظرة فتحيرت فوجدت أجهل الناس به أنطقهم به و أن أعلمهم به أكفهم عنه. و قال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله ـ بعد الكلام في القدر: و أصل القدر سر الله في خلقه ثم قال: فويل لمن صار لله في قدره خصيماً لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيما، و عاد بما قال أفاكاً أثيما. فلا ينبغي للمسلم أن يخوض في القدر و لا أن ينظر فيه إلا بعلم و لا يعني هذا أن ليس عندنا أدلة أو قواعد تبين الحق من غيره فيه، لا بل جعلنا الله على حجة بينة، و محجة واضحة، و نور و برهان و بصيرة.